Get Adobe Flash player

رسالة اليوم من هدي الرسول

عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ:سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بَعَّدَ اللَّهُ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا.متفق عليه. أي في حال الجهاد أو الرباط وقيل في سبيل الله:في طاعته وابتغاء ثوابه فيتفاوت حصول الاجر المذكور بحسب تفاوت الإخلاص.

البحث

كتاب الرحمة في حياة الرسول

شاهد مكة المكرمة مباشرة

إقرأ مقالا من أكبر كتاب في العالم

إبحث عن محتويات الموقع

ننصحك بقراءة هذا الإصدار

شاهد المدينة المنورة مباشرة

المسجد النبوي _ تصوير ثلاثي الأبعاد

Madina Mosque 3D view

الرئيسية
شبهة أن الإسلام يأمر بالتمثيل بالجثث

مجمل الفرية:

يزعم أعداء الدين أن الإسلام يجيز التمثيل بجثث القتلى، واستدلوا على ذلك بقصة العرنيين، وهي في صحيحي البخاري ومسلم، وفيها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بهم فقطع أيديهم وأرجُلهم، وسمل أعينهم، ثم لم يحسمهم حتى ماتوا، وزعموا أن هذا لون من التعذيب الذي ينافي ما يزعمه المسلمون من الإحسان في القتل.

الرد على الفرية:

هذه الفرية تعكس المنهج الانتقائي لأعداء الإسلام في إثارة الأكاذيب؛ حيث يقتطعون النصوص ويلوون أعناقها؛ ليستدلوا بجزء منها على ما يزعمونه كذبًا وزورًا، ويتبعون متشابهات النصوص ابتغاء الفتنة، متعامين عن الأدلة المحكمات.

فقد تقرر سابقًا أن المثلة لا تجوز في الإسلام إلا على سبيل القصاص، وعرضنا للأدلة الصحيحة الصريحة الدالة على ذلك، ومنها:

ما روى سليمان بن بريدة عن أبيه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بعث أميرًا على جيش أوصاه في خاصة نفسه بتقوى الله ومن معه من المسلمين خيرًا، فقال: ((اغزوا بسم الله، وفي سبيل الله، قاتلوا من كفر، اغزوا، ولا تغلوا، ولا تغدروا، ولا تمثلوا، ولا تقتلوا وليدا))[1].

وقال الترمذي: حديث بريدة حديث حسن صحيح، وكرهَ أهلُ العلم المُثلة[2].

وعن أنس قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحث في خطبته على الصدقة، ويَنهى عن المُثلة"[3].

فهذه نصوص صريحة في النهي عن التمثيل بالقتلى ابتداءً، وهذه تقرر القاعدة أصيلةً، ولكن هل هناك حالات يمكن فيها مخالفة هذه القاعدة، أو الاستثناء منها؟

نعم، يجوز أن يقوم المسلمون بالتمثيل بالقتلى خلافًا للأصل إن كان على سبيل القصاص أو المقابلة.

فرسول الله صلى الله عليه وسلم بعد انتهاء غزوة بدر وقَف على حمزة بن عبدالمطلب حين استُشهد، وكان قد مُثِّل به فقال: ((رحمة الله عليك، فإنك كنت ما علمتك فعولاً للخيرات، وصولاً للرحم، ولولا حزن من بَعدي عليك لسرَّني أن أدعك حتى تحشر من أفواهٍ شتَّى، أما والله مع ذلك لأمثلنَّ بسبعين منهم مكانك)).

فنزل جبريل عليه السلام والنبي صلى الله عليه وسلم واقفٌ بعدُ بخواتيم سورة النحل: ﴿ وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ ﴾ [النحل: 126]، فصبر النبي صلى الله عليه وسلم وكفَّر عن يمينه، وأمسك عما أراد[4].

فالله - عز وجل - لم ينه في هذه الآية عن أصل المُثلة؛ وإنما نهى عن التعدي في المثلة، وأمر بالعدل في القصاص، وهذا دليل صريح في جواز المثلة على سبيل القصاص والمقابلة.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "فأما التمثيل في القتل، فلا يجوز إلا على وجه القصاص".

وقد قال عمران بن حصين رضي الله عنهما: ما خطبَنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبة إلا أمَرَنا بالصدقة ونهانا عن المثلة.

حتى الكفار إذا قَتلناهم فإنا لا نمثل بهم بعد القتل، ولا نجدع آذانهم وأنوفهم، ولا نبقر بطونَهم، إلا أن يكونوا فعلوا ذلك بنا، فنفعل بهم ما فعلوا، والترك أفضل كما قال الله تعالى: ﴿ وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ * وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ ﴾ [النحل: 126، 127].

قيل: إنها نزلت لما مثَّل المشركون بحمزة وغيره من شهداء أحد رضي الله عنهم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لئن أظفرني الله بهم، لأمثلنَّ بضِعفَي ما مثَّلوا بنا)) فأنزل الله هذه الآية، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((بل نصبر))[5].

أما فيما يتعلق بواقعة العرنيين، فلا بد من عرض القصة كاملة؛ حتى يتضح وجه الحق فيها؛ فقد روى الإمامان البخاري ومسلم في صحيحهما عن أنس رضي الله عنه أنه قال: "قدم على النبي صلى الله عليه وسلم نفر من عُكْلٍ فأسلَموا، فاجتووا[6] المدينة، فأمرهم أن يأتوا إبل الصدقة فيشربوا من أبوالها وألبانها، ففعلوا فصحُّوا، فارتدُّوا وقتَلوا رعاتها واستاقوا الإبل، فبعَث في آثارهم، فأُتي بهم فقطع أيديهم وأرجلهم، وسمل أعينهم، ثم لم يَحسِمْهم حتى ماتوا"[7].

فهؤلاء لم يكونوا مجرد أسرى؛ وإنما جمعوا جملة من الجرائم؛ كالردة، والخيانة، ومقابلة الإساءة بالإحسان، وقتل المسلمين والتمثيل بجثثهم، والسرقة، وإخافة السبيل، ففعل بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ما فعل على سبيل القصاص والحد؛ فعن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال: "إنما سمل النبي صلى الله عليه وسلم أعيُنَ أولئك؛ لأنهم سملوا أعين الرعاء"[8].

وقال السهيلي: "فإن قيل: فقد مثَّل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعرنيين فقطع أيديهم وأرجلهم وسمل أعينهم وتركهم بالحرة؟

قلنا: في ذلك جوابان:

أحدهما: أنه فعل ذلك قصاصًا؛ لأنهم قطعوا أيدي الرعاء وأرجلهم، وسملوا أعينهم؛ رُوي ذلك في حديث أنس.

وقيل: إن ذلك قبل تحريم المُثلة.

فإن قيل: فقد تركَهم يستسقون فلا يسقون حتى ماتوا عطشًا، قلنا: عطَّشهم؛ لأنهم عطشوا أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم تلك الليلة؛ رُوي في حديث مرفوع أنه عليه السلام لما بقي وأهله تلك الليلة بلا لبن قال: ((اللهم عطش من عطَّش أهل بيت نبيك))[9].

وبهذا يتضح كذب هذا الافتراء، وأنه لا أصل له يقوم عليه؛ وإنما هو محض الكذب والتضليل والتحريف.

[1] مسلم (3261).

[2] سنن الترمذي (1328).

[3]البخاري (3871).

[4] انظر: عيون الأثر (2 / 18).

[5] السياسة الشرعية (ص: 105).

[6] أي: تضرروا من الإقامة في المدينة، وأصيبوا بإعياء ومرض، والجوى مرض يصيب الصدر، انظر: المعجم الوسيط (1 / 170).

[7] البخاري (226)، ومسلم (3162).

[8] مسلم (3164).

[9] الروض الأنف (1 / 306).

 http://www.alukah.net/spotlight/0/91854/#ixzz3rUjqvXRP