Get Adobe Flash player

رسالة اليوم من هدي الرسول

-       أدب النصيحة:

ذكر البخاري في باب (من لم يواجه الناس بالعتاب) حديث أبي سعيد الخدري قال: (كان النبي (صلى الله عليه وسلم) أشد حياء من العذراء في خدرها، فإذا رأى شيئاً يكرهه عرفناه في وجهه). أي أن لحيائه أثراً في نصيحته، ولذلك كان من هديه إيصال النصيحة بألطف إشارة وأحسن عبارة، لا يواجه أحداً بالعتاب أمام الناس وهو قادر على الستر، بل يكتفي بالتعريض عن التصريح، فيقول: (ما بال أقوام يفعلون كذا وكذا) ونحو ذلك .

البحث

كتاب الرحمة في حياة الرسول

شاهد مكة المكرمة مباشرة

إقرأ مقالا من أكبر كتاب في العالم

إبحث عن محتويات الموقع

شاهد المدينة المنورة مباشرة

المسجد النبوي _ تصوير ثلاثي الأبعاد

Madina Mosque 3D view

الرئيسية

عندما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكّة فاتحا، وبعد أن صلى في الكعبة، خطب أمام قريش وقد اجتمعوا في البيت. وكان ممّا قاله لهم: " يا معْشَرَ قريش، ما ترون أنّي فاعل بكم؟ " قالوا: خيرا. أخٌ كريم وابن أخ كريم. قال صلى الله عليه وسلم: " فإنّي أقول لكم كما قال يوسف لإخوته: ( لا تثريب عليكم اليوم ) اذهبوا فأنتم الطلقاء ".
ثمّ جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد … فقال صلى الله عليه وسلم: " أين عثمان بن طلحة؟ ". فدُعي له. فقال: " هاك مفتاحك يا عثمان ( مفتاح الكعبة )، اليومُ يومُ بِرٍّ ووَفَاء ". صلى الله عليه وسلم.
الأنصار ( رضي الله عنهم ) تَجِدُ على رسول الله صلى الله عليه وسلم

وذلك بعد غزوة الطائف، حين أعطى صلى الله عليه وسلم الناسَ ـ خاصة المؤلّفة قلوبهم ـ عطاء من لا يخاف الفقر. وكانت الأعطيات في قريش وفي قبائل العرب، ولم يكن في الأنصار منها شيء … حتى قال قائلهم: لقيَ واللهِ رسولُ الله قومَه. وصوّرت لهم أنفُسُهم أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قد أدركته محبّة قومه وبني وطنه! فنسي في جنبهم الأنصار!..
ووصل الخبر إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم. فجمعهم وحدَهم، وخطب صلى الله عليه وسلم فيهم خطبة رائعة ضَمَّنها أدق خفقات قلبه وألطف إحساساته، خاطبت المشاعر فهزّتها، ونفضت عنها ما عَلِقَ بها من وساوس، وداعبت العواطف والعقول والأفئدة … خطبة مُحِبّ رؤوف رحيم، جبرت منهم القلوب، وطيبت الخواطر، وهدّأت النفوس ...
ومما جاء في خطبته صلى الله عليه وسلم: " أوَجَدْتُم يا معشرَ الأنصار في أنفسكم في لَعَاعَة من الدنيا تألّفتُ بها قوما لِيُسْلِموا، ووَكَلْتُكم إلى إسلامكم؟! ألا ترضوْن يا معشر الأنصار أن يذهب الناس بالشاة والبعير، وترجعوا برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رحالكم؟ فوالذي نفس محمد بيده، لولا الهجرة لكنتُ امرأ من الأنصار، ولو سَلَك الناسُ شِعْبا، وسَلَكَت الأنصارُ شِعبا؛ لسلكتُ شِعْبَ الأنصار. اللهم ارحم الأنصار، وأبناء الأنصار، وأبناء أبناء الأنصار ".

فارتفعت أصواتهم بالبكاء فرحا بنبيّهم صلى الله عليه وسلم، وابتهاجا بقسمتهم ونصيبهم، وبكى القوم حتّى أخْضَلُوا لِحَاهم، وقالوا: رضينا برسول الله صلى الله عليه وسلم قَسْمَا وحظّا.
وهذا يُبَيِّن فضل الأنصار رضي الله عنهم، ومدى محبّة النبيّ صلى الله عليه وسلم لهم.
في نهاية هذه الفقرة، لا بُدّ من الإشارة إلى أن ما كان يتصف به النبيّ صلى الله عليه وسلم من البراعة في الحكمة والسياسة وتدبير الأمور، إنّما هو أثر من آثار رعاية الله سبحانه وتعالى لعبده وحبيبه ونبيّه محمد صلى الله عليه وسلم قبل البعثة وبعدها، وصفة من صفات النُبّوة ملازمة له صلى الله عليه وسلم.
فهو بشر كسائر البشر من النواحي البشريّة، ولكنّه كما أسلفنا على قمّة الكمال في كلّ مناحي حياته، وامتاز على باقي الخلق بأنّه خاتم الأنبياء والمرسلين صلى الله عليه وسلم.

- أسامة الحمصي -