قال الله عز وجلّ في محكم التنزيل: ( إنّ الله وملائكته يُصَلّون على النبيّ يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما ). الأحزاب: 56.
وعن عبدِ الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أنّه سَمِعَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إذا سَمِعْتُمُ النِدَاءَ فقولوا مثلَ ما يقولُ، ثمَّ صَلُّوا عَلَيَّ، فإنّه مَنْ صَلّى عَلَيَّ صلاةً صلى اللهُ عليه بها عَشْرَا، ثمّ سلوا اللهَ ليَ الوَسِيْلَةَ، فإنّها مَنْزِلَةٌ في الجنّة لا تنبغي إلاّ لِعَبْدٍ مِنْ عباد الله، وأرجو أن أكونَ أنا هو، فَمَنْ سألَ لِيَ الوَسِيْلَةَ حَلَّتْ لَهُ الشَفَاعَةَ ". رواه مسلم. ( النداء: الأذان ).
وعن جابرٍ رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " مَنْ قالَ حينَ يَسْمَعُ النداءَ: اللهمَّ رَبَّ هذه الدعْوَةِ التامّةِ، والصلاةِ القائِمَةِ، آتِ مُحَمّدا الوَسِيْلَةَ، والفَضِيْلَةَ، وابعثه مقاما محمودا الذي وَعَدْتَهُ، حَلَّت له شفاعَتِيْ يومَ القيامة ". رواه البخاري.
فالصلاة من الله تعالى معناها الرحمة وزيادة الإحسان؛ ومن الملائكة الاستغفار؛ ومن البَشَرِ الدّعاء.
ويستفيد الرسول صلى الله عليه وسلم من الصلاة عليه رفع الدرجات، والترقي في مراتب الكمال. والسُّنَّة أن يجمع بين الصلاة والسّلام عليه. وتكون الصلاة على النبيّ صلى الله عليه وسلم بأيّة صيغة، وأفضلها الصيغ الواردة.
وقد امتدح الله جل جلاله عباده الذّاكرين. والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم من الذِكر؛ بل هي في أعلى درجاته. وتكون سببا في تَنزِّل الرَّحمات، ورفع الدّرجات، لمن يُصَلّي على النبيّ صلى الله عليه وسلم. ففي الحديث: " من صلَّى عليّ صلاةً صلى اللهُ عليهِ بها عشراً ". رواه مسلم. وقد ذكرنا آنفا أنّ الصلاة من الله تعالى معناها الرحمة وزيادة الإحسان.
وأولى النّاس بالنبي صلى الله عليه وسلم وأخصّهم به، وأقربهم منه، وأحقّهم بشفاعته، وأعلاهم منزلة: أكثرهم عليه صلاة في الدنيا. فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أَوْلَى النّاسِ بي يومَ القيامة أكْثَرُهُمْ عليَّ صلاةً ". رواه الترمذي وقال: حديث حسن.
وـ كثرة ذِكرِك للنبي صلى الله عليه وسلم يزيد من حُبِّك له، ودليلٌ عليه.
والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم تجعل صاحبها مُكَرَّماً، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم: " رَغِمَ أنفُ رجلٍ ذُكرتُ عنده فَلَمْ يُصلِّ عليَّ ". رواه الترمذي وقال: حديث حسن.
هذا وإنّ ترك الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عنوان الشحّ، ودليل خبث النّفس، وسوء الطوِّية.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " البخيلُ مَنْ ذُكرتُ عنده فلم يُصلّ عليّ ". رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح.
فالرسول صلى الله عليه وسلم يستحق الصلاة عليه كلما ذُكر اسمه كتابة أو صوتا، لما له على الأمة من فضل، لأنه كان سبب سعادتهم في دنياهم وأخراهم. ويُندب ذلك لمن ذَكَرَ النبيّ صلى الله عليه وسلم أو سَمِع اسمه أو قَرَأه أو كَتَبَه. وذَهَب بعضُ العلماء إلى وجوبه.
ولا شك أن هناك فوائد عظيمة، ومزايا جليلة، للصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، من أراد المزيد منها فليرجع إليها في مظانّها، ككتاب: الأذكار للإمام النّووي رحمه الله تعالى.
- أسامة الحمصي -