m003.jpg

ـ نشأته:

نشأ عليه الصلاة والسلام بمكة يتيماً يكفله جده عبد المطلب وبعده عمه أبو طالب ، وطهره الله من دنس الجاهلية ومن كل عيب ، ومنحه كل خلق جميل ، حتى لم يكن يعرف بين قومه إلا بالأمين ، لِمَا شاهدوا من أمانته وصدق حديثه وطهارته .

ـ سفره لبُصرى:

لما بلغ من العمر اثنتي عشرة سنة خرج مع عمه أبي طالب إلى الشام حتى بلغ بُصرى ، فرآه بحيرا الراهب النصراني ، ولما رأى عليه مخايل النبوة سأل أبا طالب أن يرجع به إلى مكة خوفاً عليه من اليهود الذين كانوا بالشام .

ـ حفظ الله له:

كان النبي (صلى الله عليه وسلم) قد جمع في نشأته خير ما في طبقات الناس من ميزات، وكان طرازًا رفيعًا من الفكر الصائب، والنظر السديد، ونال حظًا وافرًا من حسن الفطنة وأصالة الفكرة وسداد الوسيلة والهدف، وكان يستعين بصمته الطويل على طول التأمل وإدمان الفكر، وطالع بعقله الخصب وفطرته الصافية صحائف الحياة وشئون الناس وأحوال الجماعات، فنأى عن الخرافات والأباطيل، ثم عاشر الناس على بصيرة من أمره وأمرهم، فما وجد حسنًا شارك فيه وإلا عاد إلى عزلته العتيدة، فكان لا يشرب الخمر، ولا يأكل مما ذبح على النصب، ولا يحضر للأوثان عيدًا ولا احتفالاً، بل كان من أول نشأته نافراً من هذه المعبودات الباطلة، حتى لم يكن شيء أبغض إليه منها، وحتى كان لا يصبر على سماع الحلف باللات والعُزَّى‏.‏

ـ لم تُرَ له عورة :

روى البخاري عن جابر بن عبد الله قال‏:‏ لما بنيت الكعبة ذهب النبي (صلى الله عليه وسلم) وعباس ينقلان الحجارة، فقال عباس للنبي (صلى الله عليه وسلم)‏:‏ اجعل إزارك على رقبتك يقيقك من الحجارة، فخر إلى الأرض وطمحت عيناه إلى السماء ثم أفاق، فقال‏:‏ ‏(‏إزاري، إزاري‏)‏ فشد عليه إزاره‏.‏ وفي رواية‏:‏ فما رؤيت له عورة بعد ذلك‏.

ـ خلوته في غار حراء:

ذكر ابن إسحاق عن وهب بن كيسان عن عُبيد بن عُمير قال : كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يجاور في حراء من كل سنة شهراً من السنة ، يطعم من جاء من المساكين ، حتى إذا كان الشهر الآخر الذي أراد الله عز وجل به ما أراد من كرامته من السنة التي بعثه فيها وذلك الشهر شهر رمضان ، خرج إلى حراء كما كان يخرج لجواره ومعه أهله ، حتى اذا كانت الليلة التي أكرمه الله عز وجل فيها برسالته ورحم العباد به جاءه جبريل بأمر الله تعالى .

ـ حياة السعي والعمل:

في الخامسة والعشرين من العمر الشريف خرج النبي (صلى الله عليه وسلم) تاجرًا إلى الشام في مال خديجة رضي الله عنها. قال ابن إسحاق‏:‏ كانت خديجة بنت خويلد امرأة تاجرة ذات شرف ومال، تستأجر الرجال في مالها، وتضاربهم إياه بشيء تجعله لهم، وكانت قريش قومًا تجارًا، فلما بلغها عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ما بلغها من صدق حديثه، وعظم أمانته وكرم أخلاقه بعثت إليه، فعرضت عليه أن يخرج في مال لها إلى الشام تاجرًا، وتعطيه أفضل ما كانت تعطى غيره من التجار، مع غلام لها يقال له‏:‏ ميسرة، فقبله رسول الله (صلى الله عليه وسلم) منها، وخرج في مالها ذلك، وخرج معه غلامها ميسرة حتى قدم الشام‏.‏

ـ زواجه الأول:

لما بلغ المصطفى (صلى الله عليه وسلم) خمساً وعشرين سنة تزوج خديجة بنت خويلد والتي كانت تكبره بخمس عشرة سنة ، وكان ذلك برغبة منها لما رأت من أخلاقه عليه الصلاة والسلام وشمائله الكريمة ما لم تره عند غيره ، مع أنه (صلى الله عليه وسلم) كان محط آمال فتيات قريش وساداتها ، كلٌ يُرجِّي مصاهرته ويطمع بها .

ـ بناء الكعبة وقضية التحكيم :

عندما كان عمر النبي (صلى الله عليه وسلم) خمسةً وثلاثين عاماً أعادت قريش ببناء الكعبة؛ وذلك لأن الكعبة كانت قد تصدعت جدرانها، بسبب سيل عرم انحدر إلى البيت الحرام، فأوشكت الكعبة منه على الانهيار، فاضطرت قريش إلى تجديد بنائها حرصًا على مكانتها، واتفقوا على ألا يدخلوا في بنائها إلا طيبًا، فلا يدخلون فيها مهر بغى ولا بيع ربًا ولا مظلمة أحد من الناس، وكانوا يهابون هدمها، فابتدأ بها الوليد بن المغيرة المخزومى، فأخذ المعول وقال‏:‏ اللهم لا نريد إلا الخير، ثم هدم ناحية الركنين، ولما لم يصبه شيء تبعه الناس في الهدم في اليوم الثاني، ولم يزالوا في الهدم حتى وصلوا إلى قواعد إبراهيم، ثم أرادوا الأخذ في البناء فجزأوا الكعبة، وخصصوا لكل قبيلة جزءًا منها‏.‏

فجمعت كل قبيلة حجارة على حدة، وأخذوا يبنونها‏.‏ ولما بلغ البنيان موضع الحجر الأسود اختلفوا فيمن يمتاز بشرف وضعه في مكانه، واستمر النزاع أياماً، واشتد حتى كاد يتحول إلى حرب ضروس في أرض الحرم، إلا أن أبا أمية بن المغيرة المخزومى عرض عليهم أن يحكموا فيما شجر بينهم أول داخل عليهم من باب المسجد فارتضوه، وشاء الله أن يكون ذلك رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، فلما رأوه هتفوا‏:‏ هذا الأمين، رضيناه، هذا محمد.

فلما انتهى إليهم، وأخبروه الخبر طلب رداء فوضع الحجر وسطه وطلب من رؤساء القبائل المتنازعين أن يمسكوا جميعًا بأطراف الرداء، وأمرهم أن يرفعوه، حتى إذا أوصلوه إلى موضعه أخذه بيده فوضعه في مكانه، وهذا حل حصيف رضي به القوم‏.

وقصرت بقريش النفقة الطيبة فأخرجوا من الجهة الشمالية نحوا من ستة أذرع، وهي التي تسمى بالحجر والحطيم، ورفعوا بابها من الأرض؛ لئلا يدخلها إلا من أرادوا، ولما بلغ البناء خمسة عشر ذراعًا سقفوه على ستة أعمدة‏.‏ وصارت الكعبة بعد انتهائها ذات شكل مربع تقريبًا.

ـ من أخلاقه الشريفة:

كان النبي (صلى الله عليه وسلم) يمتاز في قومه بخلال عذبة وأخلاق فاضلة، وشمائل كريمة، فكان أفضل قومه مروءة، وأحسنهم خلقًا، وأعزهم جوارًا، وأعظمهم حلمًا، وأصدقهم حديثًا، وألينهم عَرِيكة، وأعفهم نفسًا وأكرمهم خيرًا، وأبرهم عملًا، وأوفاهم عهدًا، وآمنهم أمانة حتى سماه قومه‏:‏ ‏‏الأمين‏‏ لما جمع فيه من الأحوال الصالحة والخصال المرضية.

ومن أخلاقه الشريفة أنه (صلى الله عليه وسلم) أجود بني آدم على الإطلاق كما أنه أفضلهم وأعلمهم وأشجعهم وأكملهم في جميع الأوصاف الحميدة. وكان جوده بجميع أنواع الجود: من بذل العلم والمال ، وبذل نفسه لله تعالى في إظهار دينه وهداية عباده وإيصال النفع إليهم بكل طريق من إطعام جائعهم ووعظ جاهلهم وقضاء حوائجهم ، وتحمل أثقالهم ، ولم يزل (صلى الله عليه وسلم) على هذه الخصال الحميدة منذ نشأ ، ولهذا قالت له خديجة في أول مبعثه: والله لا يخزيك الله أبداً إنك لتصل الرحم ، وتقري الضيف ، وتحمل الكل وتكسب المعدوم ، وتعين على نوائب الحق . ثم تزايدت هذه الخصال فيه بعد البعثة و تضاعفت أضعافاً كثيرة . ‏‏

قال المسور بن مخرمة: قلت لأبي جهل وكان خالي: ياخال هل كنتم تتهمون محمداً بالكذب قبل أن يقول مقالته؟ فقال: والله يا ابن أختي لقد كان محمد وهو شاب يدعى فينا الأمين، فلما وخطه الشيب لم يكن ليكذب. قلت: ياخال فلم لا تتبعونه؟ فقال: يا ابن أختي، تنازعنا نحن وبنو هاشم الشرف, فأطعموا وأطعمنا, وسقوا وسقينا، وأجاروا وأجرنا، فلما تجاثينا على الركب وكنا كفرسي رهان، قالوا: منا نبي, فمتى نأتيهم بهذه ؟".

تابعونا على المواقع التالية:

Find موقع نبي الرحمة on TwitterFind موقع نبي الرحمة on FacebookFind موقع نبي الرحمة on YouTubeموقع نبي الرحمة RSS feed

الكتب المختارة

البحث

إقرأ مقالا من أكبر كتاب في العالم

البحث

رسالة اليوم من هدي الرسول

 -         (بعثت بالحنيفية السمحة) تتجلى في رسالة النبي (صلى الله عليه وسلم) كل معاني السماحة والتيسير، فقد وضع الله عن أمته الآصار والأغلال التي كانت على الأمم السابقة، ويسر لهم الدين ورفع عنهم الحرج، وزاد في أجور أعمالهم الصالحة، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء .

فضل المدينة وسكناها

فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم

برامج إذاعية