Get Adobe Flash player

رسالة اليوم من هدي الرسول

-          منزلة الاحتساب:

عن أبي مسعود عن النبي  صلى الله عليه وسلم  قال إذا أنفق الرجل على أهله يحتسبها فهو له صدقة. متفق عليه. قال أهل العلم: الأجر تابع للنية، سواء كانت النفقة واجبة أو مباحة. فهذا باب من أبواب الخير لا يحتاج إلى أكثر من استحضار النية!

البحث

كتاب الرحمة في حياة الرسول

شاهد مكة المكرمة مباشرة

إقرأ مقالا من أكبر كتاب في العالم

إبحث عن محتويات الموقع

ننصحك بقراءة هذا الإصدار

شاهد المدينة المنورة مباشرة

المسجد النبوي _ تصوير ثلاثي الأبعاد

Madina Mosque 3D view

الرئيسية
Rahiyma

واستدرك قائلاً: لكنْ ألا ترى معي أن هذه الصورة بحاجة إلى إطار يحيط بها؟.

قلت: ماذا تقصد؟

قال: الإطار الذي أقصده لصورة محمد، هو تلك البيئة الاجتماعية التي كانت تحيط به، والتي عاشت فيها هذه الشخصية الفذة المتواضعة، مطلعَ القرن السابع المسيحي، ألا حدثتني عنها بإيجاز؟.

قلت: أتريد البيئة الاجتماعية العالمية آنذاك، أم البيئة الاجتماعية العربية؟

قال: أريد العربية، أما العالمية فأنا أعرف الفساد الذي كانت تتخبط فيه المجتمعات آنذاك، من فارسية ورومية وغيرها[1]...

قلت: لو رحتُ أحدثك عن البيئة الجاهلية للمجتمع العربي، لطال بنا الأمر، لكن أُحَدِّثُك بوصفٍ موجزٍ جاء على لسان واحد ممن عاشوا في تلك البيئة ثم قُدِّر له أن ينتقل منها إلى البيئة الإسلامية، فجاء كلامه مقارنة بين المجتمع الجاهلي العربي وبين المجتمع الإسلامي الذي أظهره الله سبحانه على يد محمد (صلى الله عليه وسلم).

قال: هذا ما أرمي إليه.

قلت: تروي كتب السيرة النبوية في الخبر الصحيح: أن النجاشي - ملك الحبشة - استدعى إلى بلاطه وفداً من مهاجري المسلمين إلى بلاده[2] ليسألهم عن هذا النبي الجديد الذي ظهر في بلدهم مكة فاتبعوه وفارقوا وطنهم لأجله، فقدَّم وفدُ المسلمين جعفرَ بن أبي طالب ليتكلم باسمهم، وليجيب النجاشي على سؤاله.. فتكلم جعفر أمام النجاشي فقال: «أيها الملك، كنا قوماً أهل جاهلية، نعبد الأصنام، ونأكل الميتة، ونأتي الفواحش، ونقطع الأرحام، ونسيء الجوار، ويأكل القويُّ منا الضعيف. فكنا على ذلك حتى بعث الله إلينا رسولاً منا، نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه، فدعانا إلى الله عز وجل، لنوحده ونعبده، ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دون الله، من الحجارة والأوثان. وأمَرَنا بصدق الحديث وأداء الأمانة، وصلة الرحم، وحسن الجوار، والكفِّ عن المحارم والدماء. ونهانا عن الفواحش، وقول الزور، وأكل مال اليتيم، وقذف المحصنات. وأمَرَنا أن نعبد الله وحده ولا نشرك به شيئاً. وأمَرَنا بالصلاة والزكاة والصيام... فصدقناه وآمنا به، واتبعناه على ما جاء به من الله»[3].

* * *

قال الأب ستيفانو: لقد أفدتني أفادك الله، وعرَّفتني موجزاً يصف محمداً ودينه ومجتمعه، وأنرتَ لي سبيل بحثي، ولو عدتُ الآن إلى (مظاهر الرحمة للبشر في شخصية محمد) فلن أَرِدَهَا خالي الوفاض.

وهنا نظر جاري (الأب نقولا) إلى ساعته وقال:

- هل لي أن أُعيد اقتراح الأمس، فنكتفي بما دار من حديث هذه الليلة.. على أن نتابع مساء غدٍ عند الساعة التاسعة؟

قلت: إن رغبتما هذا فلا بأس.

فقال الأب ستيفانو: لكني أشترط شرطاً.

قلت: وما هو؟

قال: أن نتابع غداً حديثنا حتى ننتهي منه، فأنتم تقولون في المثل (العرب عند ثلاث) وغداً ثالث أيامنا، وليس من اللائق بنا أن نزيدك على ثلاث.

قلت: لك ما تريد، وعلى بَركة الله.

ونهض الضيفان متهيئَين للخروج.. فشيعتهما إلى باب المنـزل.. وخرجا مودِّعَيْن..

* * *

 

--------------------------------------------------------------------------------

[1] انظر في هذا، البابَ الأول من كتاب (ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين) لأبي الحسن الندوي - وانظر الفصل الأول من (السيرة النبوية) للمؤلف ذاته.

[2] تتابع كثير من أوائل المسلمين مهاجرين إلى الحبشة هرباً من صنوف الأذى والتعذيب التي أنـزلها بهم كفار قريش.

[3] (السيرة النبوية) لابن هشام ص 297-298 ط.دار ابن كثير - وانظر (الروض الأنف) للسهيلي 2 /87 ط. دار الفكر - وقد خرَّج هذا الخبر المحدِّث الألباني في (فقه السيرة) للغزالي 1/115 وقال عنه: صحيح.