Get Adobe Flash player

رسالة اليوم من هدي الرسول

-          من صور محبته صلى الله عليه وسلم لأمته أنه إذا كان يوم الريح والغيم عرف ذلك في وجهه وأقبل وأدبر فإذا أمطرت سر به وذهب عنه ذلك.قالت عائشة:فسألته.فقال:"إني خشيت أن يكون عذابا سلط على أمتي".ويقول إذا رأى المطر:"رحمة" رواه مسلم

البحث

كتاب الرحمة في حياة الرسول

شاهد مكة المكرمة مباشرة

إقرأ مقالا من أكبر كتاب في العالم

إبحث عن محتويات الموقع

ننصحك بقراءة هذا الإصدار

شاهد المدينة المنورة مباشرة

المسجد النبوي _ تصوير ثلاثي الأبعاد

Madina Mosque 3D view

الرئيسية
مظاهر الرحمة في شخصيته

أعلن عن موعد المحاضرة الجديد، وعن موضوعها. فكان:ـ الدكتورة سارة تحاضر عن النبي محمدٍ (صلى الله عليه وسلم) في الموسم الثقافي للجامعة.

بدأت محاضرتها الثانية ، بعد الترحيب بالحضور وشكرهم، مخاطبة جموع الحاضرين، أعزائي الحضور الكرام، لقد اخترت النبي محمداً (صلى الله عليه وسلم) ليكون موضوع محاضرتي في هذا الموسم، ثم أردفت قائلة كأني بكم تسألون لمَ الحديث عن النبي محمدٍ (صلى الله عليه وسلم) ؟ ما المسوغات التي تميزه عمن مرَّ بنا ذكرهم في المحاضرة الماضية ؟

سمعت همسات، ورأت نظرات، من لدن الحاضرين، دلت بمجموعها على صدق حدسها وعلى حسن تعبيرها، وصواب تقديرها.

فابتدأت تقول بكل ثقة وطمأنينة: توافر لدي من خلال البحث، أربع حقائق، تحمل بمجموعها إجابات شافية عن الأسئلة الماضية. فيما يبدو لي، والحكم إليكم، بعد الاستماع إليها.

أولها : توافر المعلومات التفصيلية، الصحيحة عن حياة النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) في مراحل حياته جميعها، فليست في هذه السيرة التي استمرت ثلاثة وستين عاماً حلقة مفقودة، وليس فيها كذلك أي من علامات الاستفهام، التي مرت بنا عند الحديث عن بعض من سبقه من العظماء.

لقد اتفق كل من قرأ في سيرته، بإنصاف ـ وأنا منهم ـ ،على أنه كتاب مفتوح، أمام أتباعه، وأعدائه، على حد سواء.

من أبرز مظاهر هذا الوصف، أن الباحث لا يكاد يجد علامة استفهام في سيرته كلها، وفي أخص خصائص النبي (صلى الله عليه وسلم)، وأجدني مضطرة، في هذا المقام، أن أفتح فهرسَ أصغر كتاب، وقع في يدي، حول جانب من أخلاق النبي (صلى الله عليه وسلم) لنقف وإياكم على بعض ما احتواه من تفصيلات، أعترف أمامكم بأنني كدت أمل هذه التفصيلات، على الرغم من اتهامكم لي أنني ممن أُعْنَى بها ,وأسعى إليها، هذا الكتاب هو أخلاق النبي (صلى الله عليه وسلم) وآدابه، تأليف جعفر بن حيان الأصفهاني، المتوفى سنة 369هـ، الموافق 952م تقريباً.

تضمن هذا الكتاب، وصفاً دقيقاً لجميع قطع ملابس النبي محمد (صلى الله عليه وسلم)، ووصفاً لجميع الأدوات التي كان يستعملها، ووصفاً دقيقاً لطريقة أكله، وشربه، ونومه، ودخوله، وخروجه، وجلوسه، وكلامه، وضحكه، وبكائه، وحواره وتعامله مع الناس.

وكذلك تضمن وصفاً دقيقاً مفصلاً لجميع أعضاء جسمه الظاهرة لأصحابه، وتضمن حديثاً عن الحيوانات التي كان يركبها، وأسماء هذه الحيوانات، وغير ذلك مما لا يتسع المقام له.

لم ينفرد بهذه المعلومة كتاب أو كتابان، بل إنها تكررت في مئات الكتب الموثوقة والمشهود لأصحابها بالمنهجية العلمية والصدق والنزاهة، وهذه دعوة مني بهذه المناسبة، لمن يرغب في الاطلاع، أن يقرأ في بعض هذه الكتب، وهو ما يؤكد بحق أننا أمام شخصية تُعد كتاباً مفتوحاً بكل صفحاته.

ويحسن في هذا المقام أن أستعين ببعض شهادات لمن سبقني بالكتابة عن النبي محمد (صلى الله عليه وسلم)، فقد قال ر. ف بودلي الباحث الإنجليزي المعاصر: ( إننا نجد أن قصة محمد واضحة كل الوضوح)(1).

فقد قال التاريخ في سيرة النبي (صلى الله عليه وسلم) كلمته، بعيداً عن الأساطير، والتزوير، واستأنس في هذا الموطن بقول للأستاذ كلود كاهن، أستاذ التاريخ الإسلامي، في جامعة باريس، حين قال: ( اصطبغت شخصية محمد بصبغة تاريخية، قد لا تجدها عند أي مؤسس آخر من مؤسسي الديانات الأخرى)(2).

لقد عاش النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) في مكة، ما يزيد على خمسين عاماً، وهي الشطر الأكبر من حياته، وكان أعداؤه فيها أضعاف أتباعه بكثير، ولم يجرؤ أحد من أعدائه أن يشكك في شيء مما تضمنته صفحات حياته، أو يدعي أحدهم أن في حياته صفحات غير واضحة.

سجل التاريخ محاورة مشهورة جرت بين أبي سفيان زعيم مكة خصم النبي محمد(صلى الله عليه وسلم) المشهور قبل أن يُسلم، وبين هرقل عظيم الروم، لم يستطع أبو سفيان، أن يزوِّر فيها شيئاً من الحقائق، أو يغيِّر فيها بعض المعلومات، خشية أن يسجل عليه التاريخ أنه كذب أمام هرقل عظيم الروم (1). لأن سيرة محمد (صلى الله عليه وسلم) الحميدة ، كانت أشهر من أن تحرف، أو يتستر عليها.

ثانيها : كثرة الكتب، التي ألفت في سيرته، على مدى 1400 عام، فإنها تعد بالمئات. ويمكن لأي شخص، أن يستعين بقاعدة البيانات الموجودة في الجامعة، ويستخدم الطرفيات المرتبطة ببعض الجامعات الأخرى، ليتأكد بنفسه من صحة هذه المعلومة، وقد يصل الرقم معه إلى خانة الآلاف، إذا تحلى بالصبر وحرص على الاستقصاء، وإذا كنت لم أَجزم بعددها لأني لا أملك معلومات موثقة، فإني أنقل لكم ما ذكره المؤرخ الكبير ول ديورانت ، فقد قال في كتابه قصة الحضارة: ( إن ما يروى عن محمد من القصص ، قد ملأ عشرة آلاف مجلد )(2).

سوف يجد، المتتبع لهذه المؤلفات، أنها كتبت في أزمنة مختلفة، وفي بيئات مختلفة، ومن أشخاص مختلفين، وبمناهج مختلفة، ولكنها تكاد تجمع كلها، على ما تضمنته من معلومات.

وإن كان من خلاف بينها، فهو في الصياغة، وفي الإيجاز، والإطناب، وفي التحليل، وموقف المؤلف من هذه المعلومات، وهي مسألة اجتهادية لا إشكال فيها غالباً.

ثالثها : كثرة أتباعه، المحيطين به، فقد ذكرت لنا الكتب المعتمدة، في علم الرجال، والتي تلقاها الناس بالقبول، أنه صاحب النبي محمداً (صلى الله عليه وسلم) قرابة عشرة آلاف صحابي، وهم ولا شك متفاوتون في هذه الصحبة، من حيث مدتها ، وطبيعتها.

لقد كان من حسن الحظ، أن أنس بن مالك (رضي الله عنه)، الذي خدم النبي (صلى الله عليه وسلم) عشر سنوات متواصلات، كان آخر أصحابه موتاً، فقد ثبت أنه مات سنة 93هـ ، فيكون قد عاش بعد وفاة الرسول (صلى الله عليه وسلم) قرابة 80 سنة، كما أن زوجته عائشة أكثر الناس قرباً منه، عاشت بعد النبي (صلى الله عليه وسلم) قرابة 45 سنة، فإنها توفيت سنة 58 هـ.

وكذلك ابن عمه عبد الله بن عباس (رضي الله عنه)، وكان مقرباً منه، فقد عاش بعد النبي(صلى الله عليه وسلم) 55 سنة، فقد توفى سنة 68هـ ، وغير هؤلاء كثير، فقد أتيحت لهم الفرصة لينقلوا عن النبي (صلى الله عليه وسلم) كل ما حفظوه عنه، ورأوه منه، هم وغيرهم، ممن تجاوز عددهم الآلاف.

مما لا شك فيه، أنه كان حوله أعداد كبيرة جداً، يرقبون كل صغيرة وكبيرة في سيرته، حتى في أخص خصائص الرجل مع زوجته، فقد نقلت لنا زوجات النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) كيفية غسله بعد لقاء زوجاته، وكيفية نومه.

لقد نقلت هذه التفصيلات بأحاديث ذات أسانيد متصلة موثوقة، كان لها الفضل في إزالة أية علامات استفهام .

وقف على هذه الحقيقة، أستاذ الحضارة الإسلامية، الأستاذ هاملتون جب، فقال: ( لولا الحديث لأصبح لمحمد في أقل تقدير صورة معممة ـ إن لم نقل بعيدة ـ في أصولها التاريخية، والدينية، أما الحديث فقد صور وجوده الإنساني، في مجموعة وفيرة من التفصيلات الحية المحسوسة)(1).

وهو ما دفع أيضاً الباحث لورا فينسيا فاغليري إلى القول، وهو يتحدث عن الحالة الاجتماعية للأنبياء: ( يبدو أننا لا نعرف تفاصيل الحياة اليومية، لموسى، وعيسى، على حين نعرف كل شيء عن حياة محمد العائلية)(2).

وهذا مونته أستاذ اللغات الشرقية، في جامعة جنيف، يدلي بشهادة مماثلة فيقول: ( ندر بين المصلحين من عرفت حياتهم بالتفصيل مثل محمد )(1).

إن مما يعين على تقبل هذه المعلومات، والثقة بها، أنه نقلها غير واحد، وفي ظروف مختلفة، في ضوء علم الإسناد، وعلم نقد الرجال، الذي لم تعرف البشرية لهما مثيلاً.

وأنا لا أزعم أن لدي إلماماً واسعاً بهذين العلمين، ولكن المطلع على معالم هذين العلمين، يقف مذهولاً أمام هذه الدقة والحيادية التي تميز بها، واضعو هذين العلمين.

ويحسن التذكير في هذا المقام أن العرب وهي الأمة التي ينتمي إليها النبي محمد (صلى الله عليه وسلم)، مشهود لها بقوة الحفظ بين الأمم، وهذا على سبيل المثال المؤرخ الكبير جورجي زيدان، يشهد للعرب بقوة الحافظة، ويقول إنهم حفظوا إلى جانب أخبارهم، أخبار الأمم السابقة لهم، كأخبار قوم عاد، وقوم ثمود (2)، فكيف بأخبار نبيهم محمد (صلى الله عليه وسلم) الذي أحبهم وأحبوه، حباً لا يعرف التاريخ له مثيلاً.

رابعها : أن النبي محمداً (صلى الله عليه وسلم) وضع لأتباعه منهجاً علمياً، دقيقاً، في نقل المعلومات، فقد حذَّر من الكذب، بخاصة في نقل الأخبار عنه، فقال لأصحابه ( من كذب عليَّ فليتبوأ مقعده من النار)(1)، وهذا وعيد شديد، وتوجيه سديد، من النبي (صلى الله عليه وسلم) لأتباعه، لتوخي الدقة في نقل المعلومات، والاعتماد على ما ثبت منها، دون ما كان من باب الظنون التي حذَّر منها أيضاً . فقال ( إن الظن أكذب الحديث)(2).

بقيت أيها الأعزاء، حقيقة خامسة يكتمل بها عقد هذه المسوغات، تلكم هي طبيعة سيرة النبي محمد (صلى الله عليه وسلم)، فإن الناظر في صفحات هذه السيرة، يرى فيها الواقعية، ماثلة للعيان، يسهل على أي إنسان تفهمها، وقبولها، والتخلق بها، إن شاء دونما شعور بحرج، أو معاكسة لفطرة، كما هو حاصل ومشاهد مع مئات الملايين من المسلمين أتباع النبي محمد (صلى الله عليه وسلم).

في حين أن هذا يتعذر على أتباع بوذا مثلاً، وهم يعدون بمئات الملايين، فإن من المعلومات القليلة التي وصلتنا عن بوذا، أنه كان أميراً يعيش في قصر، ولديه زوجة، وولد، فهجر قصره، وترك زوجته وحيدة، وترك ابنه كذلك، وهام على وجهه في الصحارى، والغابات، إلى أن مات زاهداً وحيداً (3).

هل تنتشر ثقافة الزهد هذه التي ارتضاها بوذا لنفسه، بين تلك الشعوب التي تؤمن به، وهم الصينيون، واليابانيون، والكوريون، لقد أقاموا دولاً صناعية عملاقة، مما يعني أن لا أحد منهم تقريباً يفكر في إحياء هذا المبدأ، أو حتى مجرد التفكير به، وهم على صواب ولا شك، لأنها مبادئ يؤدي اتباعها إلى تعطيل الحياة، والعودة بالبشرية إلى القرون البدائية.

لقد وقفت على عبارة نقلت عن بوذا، لا أود أن يسمعها مني أتباعه في هذه الدول الصناعية الكبرى دفعاً للإحراج، يقول فيها بوذا ( شريعتي نعمة للجميع، فهي كالسماء فيها مكان لكل الناس إلا أنه يعسر على الغني أن يسلك طريقها)(4).

كما اشتهر عن السيد المسيح، دعوته إلى التسامح، والعفو، والحلم، فقد نقل عنه، قوله وهو يعظ أتباعه ( سمعتم أنه قيل عين بعين، وسن بسن، وأما أنا، فأقول لكم لا تقاوموا الشر، بل من لطمك على خدك الأيمن، فحوِّل له الآخر أيضاً، ومن أراد أن يخاصمك، ويأخذ ثوبك، فاترك له الرداء أيضاً، ومن سخَّرك ميلاً واحداً، فاذهب معه اثنين، ومن سألك فأعطه، ومن أراد أن يقترض منك فلا ترده.

سمعتم أنه قيل: تحب قريبك، وتبغض عدوك، وأما أنا، فأقول لكم: (أحبوا أعداءكم، باركوا لاعنيكم، أحسنوا إلى مبغضيكم، وصلوا لأجل الذين يسيئون إليكم، ويطردونكم) (1).

ابتسمت الدكتورة سارة ابتسامة صفراء، كما يقال، ثم سألت الحاضرين، أي من الدول الغربية أو الشرقية، بلا استثناء ـ تلتفت إلى هذه التعاليم، أو تفكر في يوم من الأيام بالعمل بجزئية منها، ولو مرة واحدة في تاريخها الطويل، بخاصة مع خصومها، سؤال يوجه إلى التاريخ القديم والحديث ليجيب عنه ، أما نحن فنمضي في محاضرتنا.

أود أن أوضح بهذه المناسبة، أن تعاليم المسيح هذه، لا تعيبه، ولا ينبغي لأحد أن يوجه إليه نقداً بسببها، كلا وألف كلا، لأنها صدرت عن المسيح في ظروف خاصة، ولمعالجة أوضاع خاصة، فهي تعاليم تعد بنت بيئتها، وقد نجحت في حينها، من الحد من سطوة الظلم، والانتقام، وفي محاصرة الشر في بني إسرائيل، الذين بعث فيهم المسيح .

كما حاول المسيح، أن يوجد توازناً في المجتمع الروماني، الذي عاش فيه، إذ إن ثقافة هذا المجتمع كانت تعنى بالجسد فقط على حساب العاطفة، فقد كانت ثقافته حربية دموية، وهو ما دفع السيد المسيح إلى أن يسلك هذا المسلك، الذي كانت الأوضاع تدعو إليه بشدة، ولهذا لم يستوعب أتباع السيد المسيح هذه التعاليم، وتعذر عليهم العمل بها.

لقد قرأت كلاماً مفيداً، في هذا المقام، يحسن بي أن أتلوه على مسامعكم، وهو للعلامة محمد جميل بيهم، جاء فيه: ( لما تفاقمت الفوضى الأخلاقية، قبل ظهور المسيح، واستفحل أمرها من جراء الفساد، الذي شمل الشعب اليهودي والروماني على حد سواء).

جاء المسيح مُصلحاً اجتماعياً لا مشرعاً لأن اليهود والرومان لم يكن ينقصهم تشريع، ولهذا اقتصرت دعوته بالحث على الفضائل والتحذير من الرذائل، وحضهم على المحبة والسلام)(1).

أعجبني كلام يناسب هذا المقام أيضاً، ورد عن العلامة الأستاذ سليمان الندوي، حين قسَّم الفضائل قسمين، قسماً سلبياً، وقسماً إيجابياً (2).

فقال: إن اعتزال الناس خلق سلبي، لأن صاحبه لا يؤذي أحداً منهم، ولكنه لا يقدم لهم خيراً، كما أن العفو عن أخطاء الناس خلق سلبي كذلك، ولكنه لا يتضمن خيراً، كالنصح، ونصرة المظلوم، وهو ما يبدو في الأخلاق التي وردت عن كثير من المصلحين السابقين للنبي محمد (صلى الله عليه وسلم) .

وهي في الحقيقة،أخلاق تفتقد للشمول، والتوازن، وهما ميزتان ظاهرتان في أخلاق النبي محمد (صلى الله عليه وسلم)، وهو ما سأعرض له بعد استراحة قصيرة جداً.

لقد كانت د. سارة أكثر من رائعة، ألقت محاضرتها بكل ثقة، وثبات، وانشراح صدر، وكم كانت تبدو سعيدة، وهي تعرض هذه المعلومات.

وزاد من سرورها، شعورها بأن الحاضرين يبادلونها الشعور نفسه، وأكثر ما سرها، وأضحكها، قول أحد الحاضرين، وهو ممن لا يفوته شيء من المحاضرة كان يكفي يا دكتورة مسوغاً واحداً من هذه الخمسة التي سُقتيها، لبيان أهمية دراسة سيرة النبي محمد (صلى الله عليه وسلم)، ولكن يبدو أنكِ حريصة على أن نتعب في الاستماع ونَطربْ في الاستمتاع ، على كل حال، أرجو أن تلتزمي بهذا المنهج، المرهق لنا والممتع على حد سواء ، وإلى اللقاء.

أجابته وهي تغادر القاعة لدقائق، سأعتبر أني لم اسمع كلمتي التعب والإرهاق، إلاَّ إذا كنت تقصد بهما معنى آخر.

بدأت الدكتورة سارة حديثها، بعد الاستراحة، قائلة:

بدت لي ظاهرةٌ ذكرت طرفاً منها قبل قليل، وهي تميز العظماء الذين تعرفنا عليهم بميزة واحدة لكل منهم، بها عُرف، ومن أجلها احترمه الناس، ومنها جاءت شهرته. فالمسيح كان متسامحاً، وبوذا كان زاهداً، والإسكندر المقدوني كان قوياً، وأرسطو كان فيلسوفاً، ولم يعرف أن أحداً منهم برز في صفة أخرى.

بيد أن ما يسترعي الانتباه بحق، هو اجتماع هذه الفضائل كلها في شخص النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) وغيرها كذلك.

إن من ينظر في سيرة هذا النبي، ويقلب صفحات سيرته، لن يعجز عن الحصول على أدلة قاطعة، تؤكد هذه الحقيقة ، وقد توصلت إليها بعد قراءات كثيرة متنوعة، حرصت قبلها أن أكون خالية الذهن، في حدود الإمكان، انحيازاً مني للمعلومة الصحيحة.

كان النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) أشجع الناس، وأكثرهم حلماً، وكان أكرم الناس، وأكثرهم زهداً، وكان رحيماً، عادلاً، عفوَّاً، صادقاً، عفيفاً، أميناً، وكان مهيباً، وكثير التبسم، متواضعاً، وكان صلباً في الحق، وفي الوقت ذاته أشد حياءً من فتاة بريئة.

إن نظرة تأملية تحليلية لهذه الأخلاق، التي اجتمعت في شخصية النبي محمد(صلى الله عليه وسلم) تبين بجلاء، أن العظمة إنما تكون حين تجتمع الأخلاق كلها في شخص واحد، لأن القيم المجزأة، لا يمكنها أن تصنع عظيماً، ولا أن تسهم في سعادة البشرية.

ترجح لديَّ هذا الفهم أيضاً، حين استحضرت ما ذهب إليه بعض علماء الأخلاق، (من أن كل خلق يقوى بغيره من الأخلاق)(1).

عندما يتحقق هذا في شخصية ما ـ وقد تحقق في النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) ـ يبرز من بين هذه الأخلاق، خلق يعرف به الشخص أكثر من غيره، وهذه حقيقة أقرها علم الأخلاق أيضاً، وفي هذا يقول العلامة دراز: ( إنه يجب أن تمارس النفس الإنسانية جميع القيم، قبل أن تتخصص في واحدة من بينها)(2)، دون أن يطغى هذا الخلق على غيره من الأخلاق الأخرى فيضعف أثره، ويقلل مكانته حتى تبقى كلها في أعلى درجاتها، وأكمل أوصافها.

توقفت الدكتورة سارة عن الحديث قليلاً، ثم قالت، كنت حريصةً، وما زلت، على أن تكون محاضراتي هذه أسهل طرحاً، وأيسر تناولاً، من تلك المحاضرات الأكاديمية في قاعة التدريس، ولكن يبدو أحياناً، أن الخيار لا يكون لنا، وإنما لطبيعة الموضوع، ولكن أعدكم أني سأكثر فيها من القصص الواقعية، والأحداث الثابتة الشيقة.

وإذا كان الأمر كذلك، وهو على ما يبدو كذلك في بعض المواطن على أقل تقدير، فإني سأجتهد في اختصار هذه المحاضرة، حتى لا ينُسي بعضها بعضاً، وأختمها بالحديث عن مسألة مهمة، لها صلة بموضوعنا، وإن كنت لن أطيل فيها، تلكم هي الدوافع الكامنة وراء التخلق بالأخلاق الحميدة.

لقد بحث علماء الأخلاق هذا الموضوع، وكان مجمل قولهم في هذه الدوافع، إنها المنفعة المادية، أو السعادة الشخصية، أو البيئة، أو الضمير، أو القوة(2).

لا أود أن أناقش، هذه الدوافع، من حيث قيمتها، وأثرها، وهل هي دوافع مضطردة، أو لا؟ بيد أني أحسب أن الدافع الكامن وراء تخلق النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) بكل هذه الأخلاق التي سبق عرضها بإيجاز هو النبوة.

ذلك أن الله تعالى، يتصف بصفات الكمال، كالرحمة، والكرم، والرأفة، والعزة، والمغفرة. والنبي (صلى الله عليه وسلم) أكثر الناس تخلقاً بأخلاق الله تعالى . فالخلق النبوي لا اعتبار فيه لأمر دنيوي، كمنفعة شخصية، أو تأثر ببيئة، أو تغير أحوال.

ولقد أدرك ر. ف . بودلي هذه الحقيقة، دون أن يذكر سببها، حين قال: ( أشك فيما إذا كان هناك رجل غير محمد تبدلت أحواله الخارجية، ذلك التبدل العظيم، ولم تتبدل نفسه)(1).

يسهل تفهم هذا الثبات، حين نستحضر أن هذه العظمة بكل مظاهرها، هي من فيض النبوة، فإننا وإن كنا نقر ونعترف، بأن النبي محمداً (صلى الله عليه وسلم) كان قبل النبوة إنساناً نبيلاً، ذا أخلاق كريمة، سامية، إلاَّ أن بروز عظمته، المتمثلة في اجتماع كل الأخلاق الفاضلة في شخصه بتوازن فريد من نوعه، كانت بسبب النبوة، كما أسلفنا.

لعل هذا الذي تقدم، يفسر لنا أيضاً، لمَ كانت أخلاق النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) أخلاقاً باقية، دائمة على مر الدهور، حاضرة في كل زمان، صالحة لكل مكان، فهي لم تكن للعصر الذي نشأت فيه، ولم تختص بالفئات التي كانت تعنيها أول الأمر، ولم تكن وليدة بيئة النبي (صلى الله عليه وسلم) .

كان النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) يمارس هذه الأخلاق بأفعاله، أكثر من أقواله، وهو ما جعلها قريبة من الناس، مألوفة لديهم، ممكنة التطبيق.

أذنت الدكتورة باستراحة قصيرة، ثم واصلت بعدها الحديث ، قائلةً: وقد رأت وجوهاً جديدة في القاعة، لعلها لم تتنبه لها في بداية المحاضرة، أشكر الحضور الكرام على هذا التواصل، وعلى صبرهم كذلك، واسمحوا لي أن أخص بالترحيب وجوهاً جديدة، كأني أراها أول مرة، إن لم أكن مخطئة.

في الوقت الذي أرحب فيه بهم، أود أن الفت انتباههم، بأن محاضراتنا هذه، مثل سلسلة مترابطة، لهذا قد يتعذر على من حضر بعضها، أن يخرج بتصور متكامل، عن الموضوع الذي نعرض له، وعلى أية حال، فأحسب أنه يمكن تدارك هذا الأمر، بوسائل عدة.

صمتت الدكتورة قليلاً وابتسمت في وجوه الحاضرين، قائلة لا أخفي عليكم أني أفكر في أن أضع هذه الأوراق التي بين يدي بين أيديكم، أو على أقل تقديرـ تلك التي تتضمن نصوصاً، أو أرقاماً، فتحركت القاعة فرحاً بهذه البشرى، فاستدركت، قائلة، ولكن هذا لا يعني بحال ترك المتابعة، والتدوين، وهو أمر اختياري ولا شك، وهذا لا يخفى عليكم طبعاً.

أعزائي الحضور الكرام ..

تأملت كثيراً، الأخلاق التي عُرف بها النبي (صلى الله عليه وسلم)، وعُرفت به أيضاً، فوجدتها كما ذكرت لكم كثيرة، فليس ثمة خلق حسن، إلاَّ وله فيه الحظ الأوفر، وربما سبب لي هذا الاستنتاج بعض مشقة، لأني أميل إلى تسليط الضوء على الخلق الذي تميز به النبي (صلى الله عليه وسلم)، من بين سائر الأخلاق، مع إقرارنا في محاضرة سابقة، بأنه تميز فيها كلها، ولكن أعني هنا، الخلق الذي كان أكثر ظهوراً من غيره.

وإن سأل سائل منكم، لمَ البحث عن خلق واحد، لينصب الحديث عليه، أقول له ولكم، إن منهجنا يقوم على تتبع المعلومات، وتوثيقها، وتحليلها، وهذا يستنفد كثير جهد، وطويل وقت، فيتعذر والحالة هذه، دراسة الصفات جميعها للنبي محمد (صلى الله عليه وسلم)، ثم إن هدف هذه المحاضرات، هو السعي إلى تحديد صفة معينة إن أمكن ، إذا ذكرت ذكر النبي محمد (صلى الله عليه وسلم)، وإذا ذكر هو ذكرت هي أيضاً.

لقد كان لديَّ شعور ـ استناداً إلى ما عرضناه في المحاضرة الماضية ـ أني سأظفر بهذه الصفة، ويسرني، إبلاغكم بأنه تحقق لي ما أردت، كما بدا لي. فقد كانت هذه الصفة، هي صفة الرحمة، هذه الصفة التي رأيت مظاهرها بارزة على البشرية قديماً وحديثاً ، فهو الخلق الذي امتاز به النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) ، وهو الخلق الذي كانت من آثاره أكثر الأخلاق الأخرى. وإليكم مزيداً من التفصيل، والتحليل، وآمل أن لا أثقل عليكم.

سلكت ثلاثة مسالك للبحث عن هذا الخلق والوصول إليه، وتحديده من بين الأخلاق الأخرى وهي:

الأول : النظر المتأمل في القرآن الكريم، وكنت أحسب أني سأجد فيه بغيتي، وما خاب ظني، فقد وصف الله تعالى نفسه في القرآن، بهذه الصفة في آيات كثيرة، واشتق الله من هذه الصفة اسمين له سبحانه، وردا في آيات منها (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ *الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) الفاتحة: ٢، ومنها (إِنْ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ) البقرة: ١٤٣، ومنها (وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ) الكهف: ٥٨.

حيث أثبت الله تعالى لنفسه، صفة الرحمة، وسمى نفسه بالرحمن الرحيم، تفضلاً على الناس ورحمة بهم، فأنزل إليهم ديناً وصفة الله بأنه رحمة بهم، في قوله تعالى: )أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضاً سُخْرِيّاً وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ( )الزخرف: 32 (.

قال غير واحد، من مفسري القرآن، إن الرحمة هنا هي النبوة، والوحي، وكذا في قوله تعالى: )وَمَا كُنتَ تَرْجُو أَن يُلْقَى إِلَيْكَ الْكِتَابُ إِلَّا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ ظَهِيراً لِّلْكَافِرِينَ( )القصص: 86 (.

لا بأس أن أذكر قول واحد من هؤلاء المفسرين لنطمئن إلى هذا الرأي، ونستأنس بقوله ، فقد قال المفسر العلامة الشنقيطي: ( والظاهر المتبادر أن المراد برحمة ربك النبوة وإنزال الوحي ، وإطلاق الرحمة على ذلك متعدد في القرآن )(1).

وصف القرآن الكريم، بعد ذلك النبي محمداً (صلى الله عليه وسلم) بهذه الصفة، كقوله تعالى: )لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ( )التوبة: 128 (، بل إن الله جعل النبي محمداً (صلى الله عليه وسلم) هو الرحمة بعينها في قوله تعالى: )وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ( )الأنبياء: 107(.

ليس يخفى عليكم، بعد هذا العرض، ما بين هذه الأوصاف من تناسب مبهر، فالله الرحيم، أنزل ديناً كله رحمة بخلقه، فكان من البدهي جداً، أن يحمل هذا الدين، شخص رحيم، فكان النبي محمداً (صلى الله عليه وسلم).

لن ألوم أحداً، إذا نظر إلى بعض هذا الكلام، على أنه انطباعي عاطفي، فقد كنت قبل توافر هذه المعلومات التزم الحيادية، حين تطرح هذه القضايا، وكثيراً ما ألتزم الصمت، ما لم أضع بين يديَّ أدلة واضحة، تؤكد صحة ما أعتقد، وأرجو أن أوفق في هذه المهمة، ثم أترك لكل واحد منكم الحكم.

إن خلق الرحمة، هذا مناسب لتحقيق مراد الله تعالى، من إرسال الرسول بهذا الدين، فقد أرسله مفطوراً على الرحمة، فكان رحمة من الله بالأمة، في تنفيذ شريعته(2).

لقد لفت انتباهي، في هذا المقام، أن الله تعالى، لم يصف أحداً من أنبيائه بوصف الرحمة، إلاَّ النبي محمداً (صلى الله عليه وسلم)، فقد تحدث القرآن عن أربعة وعشرين نبياً، ووصفهم بأجمل الأوصاف، وأكملها، وعظَّم شأنهم، في كل موضع ذكروا فيه، إلاَّ أن أحداً منهم، لم يوصف بهذه الصفة، على كثرة صفاتهم الحميدة.

أراد الله تعالى لحكمة، أن يختص النبي محمداً (صلى الله عليه وسلم)بهذه الصفة ، دون أن يشاركه فيها أحد، مع أهمية التأكيد على أن أنبياء الله جميعاً، رحماء في تعاملهم مع أقوامهم، وفي حرصهم على إيمانهم، ولكن حديثي هنا عن الوصف بعينه.

المسلك الثاني: النظر في سيرة النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) ، وفي أقواله، وتوجيهاته، وسيأتي مزيد تفصيل لهذا الموضوع، في محاضرات قادمة، بيد أن ما أود قوله هنا، أن صفة الرحمة، كانت حاضرة في كل ما صدر عن النبي (صلى الله عليه وسلم)، من قول، أو فعل، فهو الخلق الملازم لكل خلق، بل هو المهيمن عليه، والموجه له، ولقد كان النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) مستحضراً هذا الخلق، في كل حركاته، وسكناته، يؤكد هذا قوله عن نفسه: ( إنما أنا رحمة مهداه)(1)، ولا أشك لحظة أنه كان يستحضر على الدوام قول الله تعالى له )وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ( )الأنبياء: 107(.

المسلك الثالث: وقد يبدو ظريفاً، نوعاً ما، ومختلفاً عما سبقه من مسالك، فقد كلفت طلاب إحدى الشعب التي أُدرِّس لها مقرر فلسفة الأخلاق، أن ينظروا في صفات النبي محمد (صلى الله عليه وسلم)، ويحدد كل واحد منهم الصفة التي يظن أنها أكثر ظهوراً من غيرها.

كم كان سروري عظيماً، حين اختار قرابة 60% منهم صفة الرحمة، أما أولئك الذين اختاروا خلقاً آخر غير خلق الرحمة، كخلق التواضع، أو الإحسان إلى الآخرين، أو العفو عند المقدرة، أو الشجاعة، أو صفاء النفس وطهرها، فإنهم لم يبتعدوا عن صفة الرحمة، لإن الصلة وثيقة بين الرحمة، وبين ما ذكروه، فهي إما دوافع كالشجاعة، فإن الرحمة الحقيقة التي تكون في موضعها، لا تتأتى إلاَّ ممن يتحلى بالشجاعة، وإما مظاهر للرحمة، كالإحسان إلى الآخرين، والتواضع لهم، والعفو عنهم.

يشهد لما ذكرت، تلك التعريفات التي أوردها العلماء لهذا الخلق، مع أني لست راغبة في التعرض لهذه التعريفات وتتبعها ـ في محاضرات كهذه ـ ومن ذلك قولهم: ( الرحمة حالة وجدانية، تعرض غالباً لمن به رقة القلب، وتكون مبدأ للانعطاف النفساني، الذي هو مبدأ الإحسان) (1) .

ولعل أوضحها، وأيسرها، قولهم: ( هي رقة يجدها المخلوق في قلبه، تحمله على العطف، والإحسان إلى سواه، ومواساته، وتخفيف آلآمه) (2)، وهي الرحمة التي يناسب أن يوصف بها المخلوق.

بيد أنه استرعى انتباهي ، تعريف وجدته عند ابن القيِّم ، جاء فيه: ( الرحمة صفة تقتضي إيصال المنافع والمصالح إلى العبد وإن كرهتها نفسه وشقت عليها، فهذه هي الرحمة الحقيقية. فأرحم الناس من شق عليك في إيصال مصالحك ودفع المضار عنك)(3).

لقد أضاف ابن القيِّم بعداً جديداً لمفهوم الرحمة، كما ترون، وهو أنها تعني أن تمارس الرحمة على من تحب، وإن لم يرحب بهذا، كما يحصل مع الطبيب ومريضه، بخاصة أطباء الأسنان منهم، فكل واحد منا له قصة مع أطباء الأسنان.

قبل أن تنهي محاضرتها، وعلى غير عادتها في المحاضرات الماضية، سألت د. سارة الحاضرين، بعد أن شكرتهم على الحضور، وحسن الاستماع، قائلة، من لديه اقتراح، أو وجهة نظر معينة، قبل أن نمضي في محاضراتنا ، ولكن اسمحوا لي أن أقدم اقتراحاً قبلكم، وهو أننا من الآن فصاعداً، سوف نستعمل في حديثنا عن النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) لقب نبي الرحمة، وأحسب إنكم موافقون، وسوف تزداد قناعتكم شيئاً فشيئاً.

وقف أحد الحاضرين، وقال لها، نقدر لك هذا العرض، ولقد حصل بيننا نقاش حول الأسباب الكامنة وراء سوء الفهم لسيرة نبي الرحمة (صلى الله عليه وسلم) من قبل غير المسلمين، بخاصة في البلاد الغربية عموماً، وكم نتمنى أن نسمع رأي محاضرتنا الرائعة في هذا الموضوع، ومما يشجعنا على هذا الطلب، أن واحداً ممن شارك معنا في النقاش حول هذا الموضوع، أبلغنا أنه سبق أن سمع منك شيئاً عن هذه المسألة، في مداخلة لك سابقة.

أبدت الدكتورة سارة ترحيبها، بهذا الاقتراح، وفهم الحاضرون من كلامها، أن لديها ما تقوله، في هذا الشأن، وقد أخبرت الحاضرين، أنها ستسعى جاهدة، للحديث عن هذا الموضوع، في بداية المحاضرة القادمة.

 

--------------------------------------------------------------------------------

(1) الرسول حياة محمد، ص 6، ر. ف . بودلي، مرجع سابق .

(2) تاريخ العرب والشعوب الإسلامية، ج1، ص 40، كلود كاهن.

(1) لمزيد من التفصيلات حول هذه المحاورة المشهورة ينظر صحيح البخاري ، باب كيف كان بدء الوحي للنبي، ح 7.

(2) قصة الحضارة، ج13، ص 22، لول ديورانت.

(1) الرسول في عيون غربية منصفة، ص 146، نقلاً عن كتاب دراسات في حضارة الإسلام ، ص 257، هاملتون جب.

(2) الرسول في عيون غربية منصفة، ص 139.

(1) الإسلام والحضارة الغربية ، ج1، ص 67، محمد كرد علي ، نقلاً عن كتاب حاضر الإسلام ومستقبله، تأليف مونته.

(2) التمدن الإسلامي، ج1، ص 22، جورجي زيدان.

(1) رواه البخاري، باب إثم من كذب على النبي (صلى الله عليه وسلم) الحديث رقم 107.

(2) رواه البخاري، باب ما ينهى عن التحاسد والتدابر، الحديث رقم 4064.

(3) انظر دائرة المعارف، ج5، ص 660، مرجع سابق.

(4) المرجع السابق، ج5، 660.

(1) إنجيل متى : 5 : 38 – 44، طبعة بيروت، 1968م

(1) فلسفة تاريخ محمد، ص 43، العلامة محمد جميل بيهم.

(2) الرسالة المحمدية، ص 66، مرجع سابق.

(1) من قصص الشمائل، ص 61، أحمد عز الدين.

(2) دستور الأخلاق في القرآن ، ص 90، د. محمد عبد الله دراز.

(3) انظر لمزيد من التفصيل، من أخلاق النبي، ص 20 – 40، محمد الحوفي.

(1) الرسول حياة محمد، ص 14، ر. ف . بودلي.

(1) انظر أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن ، ج7، ص 111، محمد الأمين الشنقيطي، دار الفكر، 1995 م ، بيروت.

(2) انظر التحرير والتنوير، ج4، ص 144-145 بتصرف، الطاهر ابن عاشور.

(1) أخرجه الحاكم في المستدرك، ج1، ص 91، وصححه الشيخ الألباني في صحيح الجامع، ج1، ص 411

(1) الكليات، ج1، ص 471، أبو البقاء أيوب بن موسى الكفوي، مؤسسة الرسالة، بيروت.

(2) الرحمة في القرآن، ص 22، موسى عبده عسيري، ط1، 1412هـ، مكتبة الرشد، الرياض.

(3) إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان، ج2، ص 173، ابن قيم الجوزية، دار الفكر، بيروت.