Get Adobe Flash player

رسالة اليوم من هدي الرسول

عن أم عطية قالت: أمرنا أن نخرج العواتق والحيض في العيدين، يشهدن الخير ودعوة المسلمين، ويعتزل الحيض المصلى.قلت: يا رسول الله، إحدانا لا يكون لها جلباب؟ قال: لتلبسها أختها من جلبابها.متفق عليه. قال النووي:  وفيه الحث على حضور العيد لكل أحد، وعلى المواساة والتعاون على البر والتقوى

البحث

كتاب الرحمة في حياة الرسول

شاهد مكة المكرمة مباشرة

إقرأ مقالا من أكبر كتاب في العالم

إبحث عن محتويات الموقع

شاهد المدينة المنورة مباشرة

المسجد النبوي _ تصوير ثلاثي الأبعاد

Madina Mosque 3D view

الرئيسية
m023.jpg

المعاملات باب عظيم يدخل الإنسان منه على شرائح المجتمع كلها، فالتعامل حاجة ضرورية مع الناس وهو جزء من عمارة هذا الكون، وهو يتضمَّن احتياجَ الناس بعضهم إلى بعضهم مهما اختلفت أعمارهم وأقدارهم ومواهبهم ومستوياتهم، وهو أيضاً تعامل فيما جبلت النفوس على المشاحة فيه وهو المال، وهذا عرضة لأن يكون الإنسان معرضاً لشيء من الخلاف، وحتى لا يتآكل المعروف أو تنطمس روحُ الفضائل في النفس ومعاني السماحة والكرم جاءت النصوص سدى يحمي هذه المعاني، ويظللها بسياج دافئ حتى يستمر قوام الحياة، فإن في النفوس من الدخائل والعلل ما لا ينكشف إلا في التعامل، فجاءت هذه النماذج من النصوص تشيد بأصحاب الأخلاق الفاضلة في التعامل والتجرد عن الأنانية والإجحاف، والرحمة بالآخرين حتى في المقاضاة الحقوقية، كما جاءت النصوص لتتضح الضوابط والمعالم بهذا النشاط البشري والذي جعل من همِّه حماية حق الدهماء والبسطاء في تحريم الغش، ومشروعية الخيار بأنواعه المعروفة شرعاً، والنهي عن تلقي الركبان، وتحريم صور من أساليب البيع كالربا والنجش وغيره.

إن الشريعة كلها مبنية على الرحمة في أصولها وفروعها، وفي الأمر بأداء الحقوق سواء كانت لله أو للخلق، فإن الله لم يكلف نفسا ًإلا وسعها، وإذا تدبرت ما شرعه الله –عز وجل– في المعاملات والحقوق الزوجية وحقوق الوالدين والأقربين، والجيران، وسائر ما شرع وجدت ذلك كله مبنياً على الرحمة ... لقد وسعتْ هذه الشريعة برحمته وعدلها العدو والصديق، ولقد لجأ إلى حصنها الحصين الموفقون من الخلق.

عن أسامة بن شريك الغامري يقول: شهدت الأعاريب يسألون رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : هل علينا حرج في كذا وكذا؟ فقال: عباد الله وضع الله الحرج إلا من اقترض من عرض أخيه شيئاً فذلك الذي حرج وهلك.." الحديث. ([1])

مظهر الرحمة:

هكذا يحرص الناس على السؤال والتكلف وهذا باختلاف نفسياتهم بدافع الحرص وتوهُّم الاستطاعة، ولكن الشارع يلاحظ في التكاليف السَّوادَ الأعظم،وتفاوت القدرات واختلاف الأوقات.

وعن جابر بن عبد الله (رضي الله عنه) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): " رحم الله رجلاً سمحاً إذا باع، وإذا اشترى، وإذا اقتضى " ([2]).

مظهر الرحمة:

حيث إن للبيوع تعلق بالجانب المادي وهي عرضة للمشاحة لأن الإنسان فيها يغلِّب حظَّ نفسه، فأمر الشارع البائع والمشتري والمتقاضي بالسماحة؛ لتكون السلعة طيبة بها النفس، وداخلة على الإنسان مدخل الرضا والإيثار، ولأنه من المحتمل أن يكون أحد أطراف المبايعة أخرق أو يغلب فجعل نصيب هؤلاء مكفول بما لدى الطرف الآخر من السماحة والحرص على الآخرين.

وعن أبي هريرة (رضي الله عنه): أن رجلاً أتى النبي (صلى الله عليه وسلم) يتقاضاه فأغلظ، فهمَّ به أصحابه، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : " دعوه فإن لصاحب الحقِّ مقالا ". ثم قال: أعطوه سناً مثل سنِّه وفي لفظ: "اشتروا له سنًّا فأعطوه إياه" قالوا يا رسول الله لا نجد إلا أمثل من سنِّه، وفي لفظ: "خير من سنِّه ". فقال " أعطوه فإن من خيركم أحسنكم قضاء" ([3]).

مظاهر الرحمة:

فيه الرحمة والصبر على خشونة طالب الحق؛ لأنه يرى وجاهة طلبه ويَفترض في الآخرين تحمُّله، ولأن المطالبة ثقيلة على النفس فقد ضرب (صلى الله عليه وسلم) المثل بتقبلها، فكيف وهي من رجل ليس من سائر الناس؛ بل هو أفضل البشر.. ولم ينته الأمر عند ذلك بل تعدَّى إلى الإحسان فجعل حقَّ المطالب بحقه إذ جعل الزيادة له، وجعل هذا الوصف (خيركم) ملازم لمن كان حسن القضاء في الشركاء أو أصحاب الحقوق.

وعن معمر بن عبد الله: عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: " لا يحتكِرُ إلا خاطِئٌ" ([4]).

مظاهر الرحمة:

معروف ما في الاحتكار من المضارة للناس وحبس البضائع والحوائج حتى تنفد من السوق، وهنا سيضطر الناس لشرائها بأغلى الأثمان. وفي الاحتكار من الإضرار بالناس والمشقة عليهم ما جعله النبي (صلى الله عليه وسلم) من الخطأ وخلاف الصواب حتى يتخلص المجتمع بهذا التوجيه من النفوس الجشعة والطمع الذي يؤذي المحتاجين.

وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: " أن رجلاً ذكر للنبيِّ (صلى الله عليه وسلم) أنه يخدع في البيوع فقال: إذا بايعت فقل لا خلابة (أي خديعة)" ([5]).

مظهر الرحمة:

إنها رحمة بالبائع والمشتري، أما البائع فلأنه يفترض في الآخرين الحذق والمهارة والحرص فيمارسُ مهارتَه في تحقيق الربِّح، ولكن إذا عرف حال المشتري خفَّف عليه من الإجهاد في المماكسة ونحوها، ولكنها درجة قد لا يبلغها كل الباعة، أما المشتري فهذا من حفظ حقِّه والرحمة به؛ لئلا يغلب فيشقُّ عليه ذلك.

 

--------------------------------------------------------------------------------

(2) رواه الحاكم في المستدرك، ح (7430). , وابن ماجه، ح (3436). وصححه الألباني, صحيح الجامع الصغير، ح (3973).

([2])البخاري، ح (1970).

([3])البخاري ح (2183)، ومسلم، ح (1601) قوله: "مقالا": أي صولة الطلب وقوة الحجة.

([4]) مسلم، ح (1605)، وأبو داود، ح (3447).

([5]) البخاري، ح (2011)، ومسلم، ح (1533).