Get Adobe Flash player

رسالة اليوم من هدي الرسول

-          اللهم ارزقنا العمل بكتابك وسنة نبيك صلى الله عليه وسلم وارزقنا حبه و اتباعه وشفاعته يوم القيامة.

البحث

كتاب الرحمة في حياة الرسول

شاهد مكة المكرمة مباشرة

إقرأ مقالا من أكبر كتاب في العالم

إبحث عن محتويات الموقع

ننصحك بقراءة هذا الإصدار

شاهد المدينة المنورة مباشرة

المسجد النبوي _ تصوير ثلاثي الأبعاد

Madina Mosque 3D view

الرئيسية
شعار

الحمد لله وحده، وصلى الله وسلم على من لا نبيَّ بعده، نبينا محمد، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه، أما بعد:

فقد تكرر تداول حديث يُنسب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، وانتشر بين الناس عبر رسائل الهاتف وفي مواقع التواصل وهذا نصّه: (إذا كان يومٌ حارٌّ فقال الرجل: لا إله إلا الله ما أشد حر هذا اليوم، اللهم أجرني من حر جهنم، قال الله عز وجل لجهنم: إن عبداً من عبيدي استجار بي من حرِّك فإني أشهدك أني قد أجرته) إلخ.

وهذا الحديث بهذا السياق لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا إسناد له صحيح، بل هو منكر. وقد خرجه  ابن السني في "عمل اليوم والليلة" والبيهقي في "الأسماء والصفات" وله ألفاظ مقاربة. وضعفه غير واحد من أهل العلم كالسخاوي في "المقاصد" والعجلوني في "كشف الخفا"، وقال الألباني في "السلسلة الضعيفة" : منكر.

والدعاء الذي فيه والفضل لمن دعى به جاء في حديث صحيح يغني عنه كما سأذكره بإذن الله.

ولذا فلا يجوز نشر ذلك الحديث الضعيف ولا تداوله إلا لبيان ضعفه ونكارته. وهذا من ضرورة الاحتياط لأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، والحذر من نِسبة شيء غير صحيح إليه، فهذا فيه وعيد شديد كما يدل عليه الحديث المتواتر وهو قوله صلى الله عليه وسلم: " إنَّ كذباً عليَّ ليس ككذبٍ على أحد، مَن كَذَب عليَّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار " رواه البخاري ومسلم.

ويغني عن الحديث الضعيف المشار إليه في البداية: الحديث الصحيح الذي رواه أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من سأل الله الجنة ثلاث مرات قالت الجنة: اللهم أدخله الجنة، ومن استجار من النار ثلاث مرات قالت النار: اللهم أجِره من النار ". خرجه أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجه وصححه ابن حبان والحاكم، وصححه أيضاً الألباني والأرنؤوط.

والمؤمن يتذكر ويتدبر في تقلبات أحواله ما يذكِّره بالآخرة وبالجنة وبالنار ؛ ليستقيم على الطاعات. وهذا ما يشير إليه ما ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " اشتكت النار إلى ربها فقالت: يا ربِّ أكل بعضى بعضاً ؛ فأذِن لها بنَفَسين: نَفَس فى الشتاء، ونَفَس فى الصيف، فأشد ما تجدون من الحَرِّ من سَمُوم جهنم، وأشد ما تجدون من البَرْد من زَمهرير جهنم ".

والاستجارة بالله من نار الجحيم هي دَيدن عباد الرحمن الأبرار الذين أثنى عليهم في كتابه فقال سبحانه: ﴿ وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا ﴾ [ الفرقان: 65 ].

فهولاء الأبرار مع طاعتهم مشفقون خائفون من عذاب الله. فهم يدعون الله تكراراً في صلواتهم ومختلف أحوالهم أن ينجيهم الله من عذاب النار بأن يجنبهم المعاصي ويغفر لهم ما اقترفوه منها فإنها سبب العذاب في النار.

قال العلامة ابن رجب رحمه الله: وقد جعل الله تعالى ما في الدنيا من شدة الحَرِّ والبَرْد مذكِّراً بِحَرِّ جهنم وبَرْدِها، ودليلاً عليها، ولهذا تُستحب الاستعاذة منها عند وجود ذلك. انتهى.

فيشرع للمؤمن أن يكثر من دعاء الله بسؤاله الجنة والاستعاذة من النار مطلقاً لعموم دلالة الآية والحديث الصحيح المتقدم، ويدعو في المواضع التي جاء بها النص كما في آخر الصلاة قبل السلام. حيث قال عليه الصلاة والسلام: " إذا فَرَغَ أحدُكم من التشهد الآخِر فليتعوذ بالله من أربع: من عذاب جهنم ومن عذاب القبر ومن فتنة المحيا والممات ومن شر المسيح الدجال " رواه مسلم.

ويجدر بالمؤمن مع شدة الحاجة لتبريد الجو في المساكن ونحوها أن يستشعر أيضاً نعمة الله بتيسير مكيفات الهواء فيبادر بحمد الله وشُكره، وأن يتلمس حاجات المحتاجين الذين لا يستطيعون شراء المكيفات وأجهزة التبريد، أو لا يستطيعون دفع قيمة فواتير الكهرباء لِقِلَّة ذات اليد، فيساعدهم بما تيسَّر له، فهذا من الإحسان المحبوب عند الله، الجالب للرزق والتوفيق، كما قال عليه الصلاة والسلام: "هل تُنْصَرُون وتُرْزَقون إلا بضعفائكم" رواه البخاري. وفي رواية النسائي: "بدعواتهم وصلاتهم وإخلاصهم".

والله المسؤول أن يوفقنا جميعاً لما يرضيه، وأن يجنبنا معاصيه ويقينا عذاب الجحيم. وأن يحفظ على بلادنا أمنها وإيمانها وقيادتها واستقرارها ورخاءها. وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

نشر في صحيفة سبق يوم الأربعاء 11 شوال 1438

https://sabq.org/LGqZtV