حياته بإيجاز
ذَكَرَ ابْنُ القيِّمِ رَحِمهُ اللهُ فِي كِتابِ "زَادِ المعَادِ" كَثِيرًا مِنَ الحِكَمِ والغَاياتِ المحمُودَةِ المسْتفادَةِ مِن غَزْوَةِ أُحُدٍ وَهِي: أَوَّلاً: تَعْرِيفُ المؤمِنينَ سُوءَ عاقِبَةِ المعْصِيَةِ, والفَشَلِ، والتَّنَازُعِ, وَأَنَّ الَّذِي أَصَابَهمْ إِنَّما هُو بِشُؤْمِ ذَلِك، كَمَا قَالَ تَعالى: } وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ ۖ حَتَّىٰ إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ
كَانَ النبيُّ (صلى الله عليه وسلم) رَفِيقًا بأمَّتِه, فَلَمْ يُخيَّر بَينَ أمريْنِ إِلَّا اخْتَارَ أَيْسَرَهُمَا, تَيْسٍيرًا عَلَى الأُمَّةِ وَرَغَبةً في رفعِ الحرجِ عَنْهَا, وَلِذَلِكَ قَالَ (صلى الله عليه وسلم): "إِنَّ اللهَ لَمْ يَبْعَثْنِي مُعَنِّتا وَلَا مُتَعَنِّتًا, وَلَكِنْ بَعَثَنِي مُعَلِّمًا مُيَسِّرًا" [رواه مسلم].
وَقَالَ (صلى الله عليه وسلم): "إِنَّ اللهَ تَعَالَى رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ, وَيُعْطِي عَلَيْهِ مَا لَا يُعْطِي عَلَى الْعُنْفِ" [رَواهُ أَبُوداودَ وصحَّحَه الألبانيُّ].
لَا زَال الحديثُ مَوْصولاً عَنْ رِفق النبيِّ (صلى الله عليه وسلم) بأمَّتِه.
عَنْ أَنسِ بْنِ مَالكٍ (رضي الله عنه)، عَنِ النبيِّ (صلى الله عليه وسلم) قَالَ: بَينَما نَحْنُ فِي المسْجِد مع رَسُولِ اللهِ (صلى الله عليه وسلم) إِذْ جَاء أعرابيٌّ فَقَام يبُولُ في المسْجِد، فَقَال أصحابُ رَسولُ اللهِ (صلى الله عليه وسلم): مَهْ مَهْ.
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ (صلى الله عليه وسلم) "دَعُوهُ لَا تُزْرِمُوهُ(1)" فَتركُوه حَتَّى بال.
وَفِي شَوَّال مِنَ السَّنةِ الخامِسَةِ عَلَى أَصَحِّ القَوْلَيْنِ وَقَعَتْ غزْوةُ الأحْزابِ المعرُوفةُ باسْم "غَزْوَةِ الخنْدَقِ".وَكان
{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى} (النحل:90) . وَقولِه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ ۖ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ
فِي سَنَةِ سِتٍّ، اسْتَنْفَرَ رَسُولُ اللهِ (صلى الله عليه وسلم) إِلَى العُمْرَةِ، فَأسْرَعُوا, فَخَرَجَ فِي أَلْفٍ وَأَرْبَعمائةِ رَجُلٍ بِلا سِلاحٍ إِلَّا سَلَاح المسَافِر؛ وَهِيَ السُّيوفُ فِي الأغْمَادِ، وَسَاقَ وأصحَابهُ البُدْنَ، فَلَمَّا عَلِمتْ قُرَيْشٌ جمعَتِ الجُمُوعَ لتصُدَّه عَنِ البيتِ الحرَامِ.
فَصَلَّى رَسولُ اللهِ (صلى الله عليه وسلم) صَلاةَ الخوْفِ, ثُمَّ دَنَا مِنْ مَكَّةَ، فَبركَتْ بِهِ راحِلَتُه، فَقَالَ المسْلِمُونَ: خَلَأتِ القَصْوَاءُ.
الإسْلَامُ دِينُ الوَفاءِ واحْتِرامِ العُهودِ والعُقُودِ والموَاثِيقِ قَالَ تَعَالَى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ[ال
وَقالَ النَّبيُّ (صلى الله عليه وسلم): "مَنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْمٍ عَهْدٌ؛ فَلَا يَحُلَّنَّ عُقْدَةً وَلَا يَشُدَّهَا حَتَّى يَمْضِيَ أَمَدُهُ، أَوْ يَنْبِذَ إلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ" [رواه أبو داود والترمذي].
بقلم: أ.د. عادل بن علي الشدي
لَقَدْ كَان النبيُّ (صلى الله عليه وسلم) أَرْحَم النَّاسِ بالأطْفَالِ، فَعَنْ أَبي هُرَيْرَةَ (رضي الله عنه) قَالَ: قَبَّل رسولُ اللهِ (صلى الله عليه وسلم) الحسنَ بْنَ عليٍّ، وَعِنْدَه الأقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ التمِيمِيِّ جَالِسًا, فَقَالَ الأقْرَعُ: إِنَّ لِي عشرةً مِنَ الوَلدِ مَا قَبَّلتُ مِنْهُم أَحَدًا. فنظرَ إليْهِ رسُولُ اللهِ (صلى الله عليه وسلم) ثُمَّ قَالَ: "مَنْ لَا يَرْحَمُ لَا يُرْحَمُ" [متفق عليه].
بقلم: أ.د. عادل بن علي الشدي
لَقَدْ كَانَ الخدَمُ والعَبِيدُ قَبلَ الإسْلَام لَا حُقوقَ لَهمْ وَلَا كَرَامَةَ, فَلَمَّا أَكرَمَ اللهُ الدنْيَا بِرسَالةِ الإسْلَام، رَفع النبيُّ (صلى الله عليه وسلم) الظُّلْم عَنْ هَؤُلاءِ, وَقَرَّرَ لهمْ حُقوقَهم وتهدَّد مَنْ ظلمَهُمْ أَوْ انْتقَصهُم أَوْ لَعنَهمْ بِالْعذَابِ الْأَلِيم.