الرحمة المهداة
اليتيم من حيث كونه يتيما أحق الناس أن يرحم، إذ ليس له من يكفله وينفق عليه، أو يقوم بتربيته ويصلح اعوجاجه، فكفالة اليتيم والقيام بأمره والرعاية بمصالحه أمر محبب لدى النفوس الطيبة وأصحاب الفطر السليمة، ومحمود فى المجتمع البشري الصالح. ولكن المجتمع الذى بعث فيه نبي الرحمة، اليتيم واللقى الضائع شيء واحد، ماله مغصوب، سبيله مسدود، حقه مهضوم، بل كله مظلوم، إلى أن جاء محمد بن عبدالله رحمة للعالمين ونزل عليه أكثر من عشرين آية في كفالة اليتيم ورعاية حقوقه والإحسان إليه ببالغ من التأكيد والتشديد والتخويف.
الأرامل:جمع أرملة،وهى التى مات زوجها،فكم تستحق العطف والرحمة،كانت مبتهجةمستبشرةبح
فما إن سمعت حتى برقت بارقة السرور فى وجهها وسرت روح الأمل فى نفسها.
إن المرأة صنو الرجل ونصف المجتمع ولها ما عليها من الحقوق. فلا فارق بينهما إلا فى الاستعداد والوظيفة، ولكن المرأة قبل الإسلام ينظر إليها نظرة تحقير وإهانة وازدراء, مما لا يتفق مع كرامتها الإنسانية؛ والملل القديمة تعاملُها معاملة الحمير والدواب, وتسومها سوء العذاب، فكانت مظلومة بأنواع من الظلم، مقهورة بأساليب من القهر، مسلوبة الحرية فى كل ما يرجع إلى الحقوق المدنية.
كان محمد (صلى الله عليه وسلم) أرحم الناس بالناس، إن رحمته (صلى الله عليه وسلم) واسعة لجميع أصناف الناس،ولا سيما الشيوخ والضعاف وذوى الحاجات منهم وكان يوقرالشيوخ ويأمر بذلك كما روى ابن عباس رضي الله عنه أنه قال"ليس منا من لم يرحم صغيرنا ولم يوقر كبيرنا[1]"
وفى رواية للترمذى عن أنس (رضي الله عنه) قال جاء شيخ يريد النبى (صلى الله عليه وسلم) فأبطا القوم أن يوسعو له فقال النبى (صلى الله عليه وسلم) فذكره[2].
كان محمد (صلى الله عليه وسلم) أرحم الناس بأهله وخير الناس لأهله، وقد قال "خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلى[1]"
ومن رحمته بأهله أن كان يسمح لمن كانت منهن صغيرة – وهى عائشة- باللعب ويفرح به ويتساءل فيه، تقول عائشة:
وكان (صلى الله عليه وسلم) كذلك أرحم ما يكون بالسائل والمسكين.
سائل يتوجه إليك فتنهره وتزجره، فلا يسألك وهو إلى السؤال أحوج، مسكين يأتيك فتزدريه وتمنعه وهو بالعطاء أحق. هذا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول: للسائل حق وإن جاء على فرس[1].
فالرسول الرحيم (صلى الله عليه وسلم) يوصى أن لا ينظر إلى ظاهره وأن تعطيه طلبته, وقد لا تدري ما فاجأه من حدثان الدهر فاضطر إلى السؤال.
أردت فى هذا الفصل أن أذكر ما أوصى الله النبي (صلى الله عليه وسلم) من الإحسان إلى الخدم وإعطاءهم حقوقهم وحسن المعاملة معهم, سواء كانوا من العبيد أم من غيرهم؛ وأما ما أمر به وأكد من تحرير الرقاب من العبيد والإماء فهذا بحث مستقل تجد في أكثر كتب الصحاح والسنن والجوامع كتاباً باسم كتاب العتق. وقد أفرد بعض العلماء بالتأليف فيه، ولا يخفى على من له أدنى إلمام بتعاليم الكتاب والسنة كم حرض الإسلام على العتق والتحرير، فلا نعرج عليه إلا ما لا بد منه.
أما رحمته (صلى الله عليه وسلم) بأصحابه وأمته فلا ترى يوماً من أيام حياته المباركة إلا وتجد فيه مظاهرجديدة لهذه الرحمة الواسعة.
يقول تعالى: فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاًّ غليظ القلب لانفضوا من حولك[1].
قال سيد قطب يفسر هذه الآية:
وفيه فصلان
الفصل الأول
معاهداته السلمية بينه وبين خصومه
الفصل الثاني رحمته (صلى الله عليه وسلم) بأعداءه
الفصل الأول
معاهداته السلمية بينه وبين خصومه
إن دراسة الجوانب السياسية في حياة الرسول (صلى الله عليه وسلم) ونمط تفكيره، تقودنا إلى أنه كان إنسانا عميق التفكير، قبل مبعثه وفي مرحلة نشر الدعوة الإسلامية في مكة،ومن ثم في مرحلة تأسيس الدولة الإسلامية الأولى، وكان دائما يجنح للسلم إن هيئت له أسباب إقامة السلام في ربوع أرض العرب.
أنت ترحم نفسك ،ترحم أهلك وولدك، ترحم أباك وأمك ، ترحم إخوتك وأخواتك، وقد تكون رحيما لأصحابك، وربما ترحم عشيرتك وقبيلتك ، ورأيتك ترحم جيرانك ، نعم وقد تسع رحمتك شعبك وبلدك،وأنت الذي رأيتك إذاشتمـك أحد منهم ، أولطم خدك أو ضرب وجهك أوأهاج غيرتك أو استثار حفيظتك، أو نال منك نيلاً، أو أساء إليك سوءً ، فإذا بك تعود ليثاً عادياً وكلباًضارياً،وإ