Get Adobe Flash player

رسالة اليوم من هدي الرسول

استسقى النبي صلى الله عليه وسلم مرات: جماعة بصلاة، ومنفردا بغير صلاة، وفي خطبة الجمعة، قال ابن القيم: وأغيث في كل مرة.

البحث

كتاب الرحمة في حياة الرسول

شاهد مكة المكرمة مباشرة

إقرأ مقالا من أكبر كتاب في العالم

إبحث عن محتويات الموقع

شاهد المدينة المنورة مباشرة

المسجد النبوي _ تصوير ثلاثي الأبعاد

Madina Mosque 3D view

الرئيسية

نعرض في هذه الفقرة لبعض ما كان يتصف به النبيّ صلى الله عليه وسلم من البراعة في الحكمة والسياسة وتدبير الأمور، وذلك كأثر من آثار رعاية الله له قبل البعثة وبعدها. فما من تصرّف تصرفه صلى الله عليه وسلم إلاّ فيه غاية الحكمة وبُعد النظر والتوفيق.
بناء الكعبة، ووضع الحجر الأسود
أرادت قريش تجديد بناء الكعبة. فلمّا وصلوا إلى الحجر الأسود اختلفوا فيمن يمتاز بشرف وضعه في مكانه، واستمر الاختلاف والنزاع حتى كادوا يقتتلون وتقوم فتنة لا يُعلم مداها ومنتهاها، فارتضوا أن يحتكموا لأول من يدخل من باب المسجد. وشاء الله أن يكون ذلك هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، ( وذلك قبل البعثة، وكان له من العُمُر نحوا من خمس وثلاثين سنة ) فلما رأوه قالوا: هذا الأمين؛ رضيناه.
فلمّا انتهى إليهم، وأخبروه الخبر، طلب رداءً فوضع الحجرَ وسطه، وطلب من رؤساء القبائل المتنازعين أن يُمْسكوا جميعا بأطراف الرداء وأن يرفعوه، ووضعه مكانه بيديه الشريفتين. وكان هذا من حكمته صلى الله عليه وسلم، فانتهت المشكلة، ورضي القوم كلّهم بذلك.
إطفاء نار الفتنة بين الأوس والخزرج رضي الله عنهم أجمعين.
فيما ذكره ابن اسحاق: أنّ اليهوديّ شاس بن قيس، مرّ على ملأ من أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم من الأوس والخزرج، فغاظه ما رأى من تآلفهم ووحدتهم وصلاح ذات بينهم بعد الإسلام. فأرسل إليهم من جلَس بينهم وصار يُذكّرهم بيوم بُعاث وأيامهم في الجاهليّة وما قيل فيها من شِعْر، حتى صاروا يتفاخر بعضهم على بعض، إلى أن عملت فتنة اليهوديّ فيهم فعلتها، فتواثبوا وامتشقوا السلاح واصطفوا للقتال … فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخرج إليهم فيمن معه من أصحابه من المهاجرين حتى جاءهم، فقال: " يا معشر المسلمين، الله الله، أبدعوى الجاهليّة وأنا بين أظهركم بعد أن هداكم الله للإسلام، وأكرمكم به؟! وقطع به عنكم أمر الجاهليّة، واستنقذكم من الكفر، وألَّف بين قلوبكم؟! ". فعرف القوم أنّها نزغة من الشيطان، وكيد عدوّهم، فبكوا، وعانق بعضهم بعضا، ثمّ انصرفوا مع الرسول صلى الله عليه وسلم سامعين مطيعين، بعد أن مَنّ الله سبحانه وتعالى بإطفاء نار الفتنة على يد النبيّ صلى الله عليه وسلم.

معالجته قول المنافقين: لئن رجعنا إلى المدينة ليُخْرِجَنَّ الأعزّ منها الأذلّ
وذلك عندما كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم والمسلمون رضي الله عنهم يقيمون على ماء المُرَيْسِيع بعد الفراغ من غزوة بني المصطلق، وحَدَثَ ازدحام على الماء، وكاد بعضهم أن يُشعل فتنة. فكان من زعيم المنافقين عبد الله بن أُبيّ بن سلول أن قال: أما والله، لئن رجعنا إلى المدينة ليُخْرِجَنَّ الأعزُّ منها الأذلَّ. فبلغ قولُه النبيَّ صلى الله عليه وسلم، وعنده عمر بن الخطّاب رضي الله عنه. فقال عمررضي الله عنه: مُرْ عبّاد بن بشر فَلْيَقتله. فقال: " فكيف يا عمر إذا تحدّث الناسُ أنّ محمّدا يقتل أصحابه؟ لا. ولكن أذِّنْ بالرحيل "، وذلك في ساعة لم يكن يرتحل فيها، ثمّ مشى بالناس يومهم ذلك حتى أمسى، وليلتهم حتى أصبح، وصدر يومهم ذلك حتى آذتهم الشمس ثمّ نزل بالناس، فلم يلبثوا أنْ وجدوا مسّ الأرض فوقعوا نياما. فَعَلَ ذلك ليشغل الناسَ عن الحديث.
في صلح الحُديبية
لمّا صدّت قريشٌ النبيَّ صلى الله عليه وسلم والمسلمين ـ رضي الله عنهم ـ عن البيت الحرام، عقد معهم صُلْحا. وكان من قواعد الصلح: من أتى محمدا صلى الله عليه وسلم من قريش من غير إذن ولِيِّه ـ أي هاربا منهم ـ ردَّه عليهم، ومن جاء قريشا ممّن مع محمد صلى الله عليه وسلم ـ أي هاربا منه ـ لم يُردّ عليه.
هذا الشرط الذي أغضب المسلمين. فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إنّه من ذهب منّا إليهم فأبعده اللهُ ". وقال صلى الله عليه وسلم: " ومن جاءنا منهم سيجعلُ اللهُ له فَرَجَا ومَخْرَجا ". صحيح مسلم/ باب صلح الحديبية.
هذا الشرط، وإنْ كان مظهر الاعتزاز لقريش، لكنّه في الحقيقة يُنْبِئ عن شدّة انزعاج قريشٍ وهلعهم وخَوَرِهم، وعن شدّة خوفهم على كيانهم الوثنيّ الذي بات على شفا جُرُفٍ هار.

وأمّا رسول الله فوضع هذا الشرط … وما كان يخشى من مثل هذا الشرط. فلمّا قال له عمر بن الخطّاب: ففيمَ نُعْطِي الدَنِيّة في ديننا؟! قال: " يا بن الخطاب، إنّي رسول الله ولستُ أعصيه، وهو ناصري ولنْ يُضِيّعني أبدا ".
وقد تَفَلَّتَ أبو بصير ـ وكان يُعَذّب في مكّة بعد إسلامه ـ من قريش، فأتى المدينة. فأرسلت قريش رَجُلَيْن في طلبه، فدفعه إليهما، فخرجا به حتّى بلغا ذا الحُلَيْفة ( ما يُعْرَف بآبار عليّ اليوم )، فأخذ أبو بصير سيفَ أحدهما وقتله، وفَرَّ الآخر. فجاء أبو بصير وقال: يا نبيّ الله، قدْ واللهِ أوْفَى اللهُ ذمّتَك، قد رددتني إليهم، ثمّ أنجاني الله منهم. قال رسول الله: " ويل أمّه، مِسْعَرَ حَرْبٍ لو كان له أحد ". فلمّا سمع ذلك عرف أنّه سيردّه إليهم. فخرج حتى نَزَلَ العِيْصَ من ناحية ذي المَرْوَة على ساحل البحر، بِطَرِيْقِ قريش التي كانوا يأخذون عليها إلى الشام. وسمع بذلك المسلمون الذين كانوا احتبسوا بمكّة، فخرجوا إلى أبي بصير، فاجتمع إليه منهم قريب من سبعين رجلا، حتى صار لهم شأن؛ فما يسمعون بِعِيْر ( قافلة ) خرجت لقريش إلى الشام إلا اعترضوا لها.
فأرسلت قريشٌ إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم تناشده الله والرَّحِم لَمَا أرسل إليهم، فمن أتاه فهو آمِنْ. فأرسل النبيُّ صلى الله عليه وسلم إليهم، فقدموا عليه المدينة.

- أسامة الحمصي -