Get Adobe Flash player

رسالة اليوم من هدي الرسول

(حنكته وسياسته) حينما كان جيش المسلمين يسير لمعركة أحد، انخذل المنافقون وقال كبيرهم: علام نقتل أنفسنا؟! فذكرهم بعض المؤمنين بواجب الدفاع عن المدينة إذا لم يدافعوا عن الدين، فهزئ كبيرهم بالدين وغمز في الرسول، ومع ذلك فقد تركهم رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، أولا: لئلا يتحدث الناس أنه يقتل أصحابه، وثانيا: لئلا يجر المدينة إلى صدامات أهلية بسبب الحمية والعصبية كما شرح ابن تيمية . لم يتم الارسال

البحث

كتاب الرحمة في حياة الرسول

شاهد مكة المكرمة مباشرة

إقرأ مقالا من أكبر كتاب في العالم

إبحث عن محتويات الموقع

شاهد المدينة المنورة مباشرة

المسجد النبوي _ تصوير ثلاثي الأبعاد

Madina Mosque 3D view

الرئيسية
m006.jpg

 وفيه فصلان

 الفصل الأول

معاهداته السلمية بينه وبين خصومه

 

الفصل الثاني رحمته  (صلى الله عليه وسلم) بأعداءه

 الفصل الأول

معاهداته السلمية بينه وبين خصومه

إن دراسة الجوانب السياسية في حياة الرسول (صلى الله عليه وسلم) ونمط تفكيره، تقودنا إلى أنه كان إنسانا عميق التفكير، قبل مبعثه وفي مرحلة نشر الدعوة الإسلامية في مكة،ومن ثم في مرحلة تأسيس الدولة الإسلامية الأولى، وكان دائما يجنح للسلم إن هيئت له أسباب إقامة السلام في ربوع أرض العرب.

       يقول المفكر البلجيكي هنري ماسيه (1820-1886م) في كتابه:"حول الإسلام"

       "إذا بحثنا عن محمد إجمالياً نجده ذا مزاج عصبي،وفكر دائم التفكير،ونفس باطنها حزن، وأما مداركه فهي تمثل شخصا يعتقد بإله واحد،وبوجود حياة أخرى،ويتصف بالرحمة الخالصة،والحزم في الرأي والاعتقاد،ويضاف إليه أنه رجل حكومة، وأحيانا رجل سياسة و حرب، ولكنه لم يكن ثائرا بل كان مسالما[1]".

       أذكر هنا ثلاثاً من معاهداته السلمية المهمة لتعرف بها طبيعته التي كانت أبعد ما تكون من الحرب و القسوة و أقرب ما تكون من السلم والرحمة. فأوّل ما فعل صلى الله عليه وسلم لما هاجر إلى المدينة أن كتب كتاباً بين المهاجرين والأنصار واعد فيه اليهود و عاهدهم وأقّرهم على دينهم و أموالهم. فإليك خلاصة الكتاب:

هذا كتاب من محمد النبي (رسول الله) بين المؤمنين والمسلمين من قريش وأهل يثرب و من تبعهم فلحق بهم و جاهد معهم أنهم أمة واحدة من دون الناس .

المهاجرون من قريش على ربعتهم يتعاقلون بينهم وهم يفدون عانيهم بالمعروف والقسط بين المؤمنين.

وبنو عوف علي ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى،وكل طائفة تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين.

ثم ذكر القبائل هكذا قبيلة قبيلة ثم قال :

وأن المؤمنين لايتركون مفرحا بينهم أ ن يعطوه بالمعروف في فداء أو عقل .وأن لا يخالف مؤمن مولى مؤمن دونه.

وأن المؤمنين المتقين (أيديهم )على (كل)من بغى منهم أو ابتغى دسيعة[2] ظلم أو إثماً أو عدوانا أو فسادا بين المؤمنين ،وأن أيديهم عليه جميعا ولو كان ولد أحدهم.

و لا يقتل مؤمن مؤمنا في كافر و لا ينصر كافرا على المؤمن.

وأن ذمة الله واحدة يجير عليهم أدناهم ،وأن المؤمنين بعضهم مولى بعض دون الناس.

وأنه من تبعنا من يهود فإن له النصر و الأسوة غير مظلومين ولا متناصر عليهم.

وأن اليهود ينفقون مع المؤمنين ما داموا محاربين.

وأن يهودبني عوف أمة مع المؤمنين.لليهود دينهم وللمسلمين دينهم مواليهم وأنفسهم إلا من ظلم أوأثم فإنه لايوتغ[3]إلانفسه وأهل بيته.

وأن ليهود بني النجار مثل ما ليهود بني عوف. وذكرهكذا قبائل من يهود .

وأن بطانة يهود كأنفسهم .

وأنه لا يخرج منهم أحد إلا بإذن محمد .

وأنه لا ينحجز على ثأر جرح،وأنه من فتك فبنفسه وأهل بيته إلا من ظلم وأن الله على أبر هذا .

وأن علي اليهود نفقتهم وعلي المسلمين نفقتهم, وأن بينهم النصر علي من حارب أهل هذه الصحيفة، وأن بينهم النصح والنصيحة والبر دون الإثم.

وأنه لا يأثم أمر بحليفه، وأن النصر للمظلوم.
وأن اليهود ينفقون مع المؤمنين ماداموا محاربين.

وأن يثرب حرام جوفها لأهل هذه الصحيفة.

وأن الجار كالنفس غير مضار و لا آثم .

و أنه لا تجار حرمة إلا بإذن أهلها.

وأنه ما كان بين أهل هذه الصحيفة من حدث أو اشتجار يخاف فساده فإن مرده إلى الله وإلى محمد رسول الله (صلى الله عليه وسلم),وأن الله على أتقى ما في هذه الصحيفة وأبره.

وأنه لا تجار قريش ولامن نصرها .

وأن بينهم النصر علي من دهم يثرب.

وإذادعواإلى صلح يصالحونه ويلبسونه فإنهم يصالحونه ويلبسونه، وأنهم إذادعواإلى مثل ذلك فإنه لهم على المؤمنين إلا من حارب في الدين .

على كل أناس حصتهم من جانبهم الذي قبلهم .
وأن يهودالأوس مواليهم وأنفسهم على مثل ما لأهل هذه الصحيفة مع البرالمحض من أهل هذه الصحيفة،وأن البردون الإثم,لايكسب كاسب إلاعلي نفسه وأن الله على أصدق مافي هذه الصحيفة وأبره .

وأنه لا يحول هذا الكتاب دون ظالم أو آثم،وأنه من خرج آمن ومن قعدآمن بالمدينةإلامن ظلم وأثم،وأن الله جارلمن بر واتقى ، ومحمد رسول الله(  (صلى الله عليه وسلم))[4].

هذه هي الوثيقة السياسية التي وضعها محمد منذ ألف و أربعمائةوثمان وعشرين سنة، و التي تقرر حرية العقيدة و حرية الرأي و حرمة المدينة و حرمة الحياة و حرمة المال و تحريم الجريمة. و هي فتح جديد في الحياة السياسية. و الحياة المدنية في عالم يومئذ، هذا العالم الذي كانت تعبث به يد الاستبداد، و تعيث فيه يد الظلم فساداً. و لئن لم يشترك في توقيع هذه الوثيقة من اليهود بنو قُرَيظة و بنو النضير و بنو قينقاع، إنهم ما لبثوا بعد قليل أن وقعوا بينهم و بين النبي صُحُفاً مثلها. و كذلك أصبحت المدينة و ما وراءها حرماً لأهلها، عليهم أن ينضحوا عنها و يدفعوا كل عادية عليها، و أن يتكافلوا فيما بينهم لاحترام ما قررت هذه الوثيقة فيها من الحقوق و من صور الحرية[5].
أمامعاهداته  (صلى الله عليه وسلم)مع النصارى فأشهرها معاهدته مع نصارى نجران , وهي ما يلي:
بسم الله الرحمن الرحيم
   هذا ما كتب محمد النبي رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) لأهل نجران إذ كان عليهم حكمه في كل ثمرة وفي كل صفراء وبيضاء ورقيق فأفضل ذلك عليهم وترك ذلك كله لهم على ألفي حلة من حلل الأواقي:في كل رجب ألف حلة وفي كل صفر ألف حلة، مع كل حلة أوقية من الفضة:فما زادت على الخراج أو نقصت عن الأواقي فبالحساب.وعلى نجران مؤنة رسلي ومتعتهم ما بين عشرين يوما فما دون ذلك ولا تحبس رسلي فوق شهر.

   وعليهم عارية ثلاثين درعا وثلاثين فرسا وثلاثين بعيرا إذا كان كيد باليمن ومعرة.وما هلك مما أعاروا رسلى من دروع أو خيل أو ركاب أو عروض فهو ضمين على رسلي حتى يؤدوه إليهم.

   ولنجران وحاشيتها جوار الله وذمة محمد النبي رسول الله على أموالهم وأنفسهم وملتهم وغائبهم وشاهدهم وعشيرتهم وبيعهم وكل ما تحت أيديهم من قليل أو كثير, لا يغير أسقف من أسقفيته ولا راهب من رهبانيتة ولا كاهن من كهانته.وليس عليهم دنية[6] ولادم جاهلية ولا يحشرون ولا يعشرون ولا يطأ أرضهم جيش.ومن سأل منهم حقا فبينهم النصف غير ظالمين ولا مظلومين.

   ومن أكل ربا من ذي قبل فذمتي منه بريئة.ولا يؤخذ رجل منهم بظلم آخر.

   وعلى ما في هذا الكتاب جوار الله وذمة محمد النبي رسول الله حتى يأتي الله بأمره نصحوا و أصلحوا ما عليهم غير مثقلين بظلم [7] .

 وأما هدنة الحديبية التي كانت بينه و بين المشركين فهي أكبر دليل على حرص محمد (صلى الله عليه وسلم) على السلم حتى شق ذلك على المسلمين و سيأتي بيان ذلك. والآن فاقرأ نص الكتاب:

 

باسمك اللهم

هذاماصالح عليه محمدبن عبدالله وسهيل بن عمرو واصطلحا على وضع الحرب عن الناس عشرسنين يأمن فيهن الناس ويكف بعضهم عن بعض.

(على أنه من قدم مكة من أصحاب محمد حاجّاً أو معتمراً أو يبتغي من فضل الله فهو آمن على دمه وماله، ومن قدم المدينة من قريش مجتازاً إلى مصر أو إلى الشام يبتغي من فضل الله فهو آمن على دمه وماله)

على أنه من أتى محمداً من قريش بغير إذن وليه رده عليهم, ومن جاء قريشاً ممن مع محمد لم يردوه عليه.

       وأن بيننا عيبة[8] مكفوفة, وإنه لا إسلال ولا إغلال[9]

وأنه من أحب أن يدخل في عقد محمد وعهده دخله،ومن أحب أن يدخل فى عقد قريش وعهدهم دخل فيه

       (فتواثبت خزاعة فقالوا:"نخن في عقد محمد وعهده" وتواثبت بنوبكر فقالوا:"نحن في عقد قريش وعهدهم")

       وأنك ترجع عنا عامك هذا،فلا تدخل علينا مكة،وأنه إذا كان عام قابل خرجنا عنك فدخلتها بأصحابك فأقمت بها ثلاثا ، معك سلاح الراكب،السيوف في القرب، ولا تدخلها بغيرها

(وعلى أن هذا الهدي حيث ما جئناه ومحله فلا تقدمه علينا[10])

 

--------------------------------------------------------------------------------

[1] الرسول في الدراسات الاستشراقية المنصفة ص: 287-288

[2] الدسيعة : الطبيعة والخلق .

[3] يوتغ : يهلك .

[4]قد ذكر هذا الكتاب جمع من أهل السير والتاريخ كابن هشام في السيرة 2/143-146 وابن كثير في البداية 3/257 - 258، وراجع مجموعة الوثائق السياسية في العهد النبوي والخلافة الراشدة،للدكتور محمد حميد الله. ص 1-7

[5]  حياة محمد، ص 151

[6] دنية , بغيرهمز :دينئة 

[7] فتوح البلدان ص: 88-89

[8] عيبة :وعاء ,وعياب الود : الصدور والقلوب, والعيبة من الرجل : موضع سره, يقال : فلان عيبة فلان .     ;  مكوفة :  ممنوعة .

[9] الإسلال : السرقة .     ;  الإغلال : الخيانة .

[10] راجع مجموعة الوثائق السياسية ص 13-14