Get Adobe Flash player

رسالة اليوم من هدي الرسول

 -         (جمال خلقته) إذا شدك جمال القمر هذه الليلة، فتذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أبهى وأجمل، فعن جابر بن سمرة (رضي الله عنه) قال: رأيت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في ليلة إضحيان (أي مضيئة مقمرة)، فجعلت أنظر إليه وإلى القمر، فلهو عندي أحسن من القمر. رواه الترمذي وحسنه، ونقل تصحيحه عن البخاري. لقد أكمل الله لخليله جمال الظاهر والباطن .

البحث

كتاب الرحمة في حياة الرسول

شاهد مكة المكرمة مباشرة

إقرأ مقالا من أكبر كتاب في العالم

إبحث عن محتويات الموقع

ننصحك بقراءة هذا الإصدار

شاهد المدينة المنورة مباشرة

المسجد النبوي _ تصوير ثلاثي الأبعاد

Madina Mosque 3D view

الرئيسية
m010.jpg

وعن عبد الله بن عمرو بن العاصِ رضي الله عنهما قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): " ليس منا من لم يرحم صغيرنا ، ويعرف شرف كبيرنا " ([1]).

مظهر الرحمة:

إن تأصيل الخلق العظيم : (الرحمة بالصغير وتوقير الكبر) بهذا الحجم الشرعي حين يدرج ضمن نصوص الوعيد لمن لم يتحلَّ بهذه الصفات لدليل على عظمة عناية الإسلام، وفي الرحمة بهذين الصنفين من الناس: الصغير الذي ضعفت نفسه ويتطلَّع إلى العطف والرحمة، والكبير الذي علا قدرُه وينظر التقديرَ والاحترامَ لمجرد كبره فقط، فكيف إذا انضمَّ إلى ذلك العلم أو الجاه أو المسؤولية أو الأبوّة وهي أعلاها شأناً.

وعن أنس بن مالك (رضي الله عنه): " أن النبي (صلى الله عليه وسلم) كان يمرُّ على الصِّبيان فيسلِّمُ عليهم" ([2]).

مظهر الرحمة:

إن في دماثة الخلق وحسن المعشر وفهم النفسيات ما يحقِّقُ من المكاسب الدعوية ما لا تحققه الحدّة والصرامة . كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) جذاباً في كل شيء، فهو لا يحتقر أحداً؛ بل يسلم ويباسط ويداعب هؤلاء الصبيان؛ رحمةً بهم وإدخالاً للسرور إلى أنفسهم.

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبيُّ (صلى الله عليه وسلم) يؤتى بالصبيان فيدعو لهم، فأتي بصبي فبال على ثوبه فدعا بماء فأتبعه إياه ولم يغسله" ([3]).

مظهر الرحمة:

مجرد ارتياد الأطفال والصبيان لمجلس النبي (صلى الله عليه وسلم) فيه من معالم الرحمة ما لا يحتاج إلى تعليق، ولكن أن يحدث هذا الأذى، ثم يتعامل معه بكل هدوء وتلقائية لتعذَّر التحفُّظ من هذه الأمور في ذلك الزمن .. رحمة بأهله الذين قد ينالهم من الحرج ما لا يخفى. ولكنها القدرة على تقدير المواقف، وإعطائها حجمَها الطَّبيعيِّ.

وعن أبي قتادة (رضي الله عنه) قال: خرج علينا النبي (صلى الله عليه وسلم) وأمامة بنت أبي العاصِ على عاتقه فصلَّى، فإذا رَكَعَ وَضَعَها، وإذا رَفعَ رفعَها " ([4]).

مظهر الرحمة:

من أشدِّ الناس حاجة إلى الرحمة الأطفال والنساء، وقد ضرب النبي (صلى الله عليه وسلم) مثلاً رائعاً في التلطُّف والإشفاق على هذه الشريحة.. (فإنما ترزقون وتنصرون بضعفائكم) ([5]).

وعن عائشة (رضي الله عنه) قالت: جاء أعرابيٌ إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) فقال: تقبّلون الصبيان؟ فما نقبّلهم، فقال النبي (صلى الله عليه وسلم):" أوَ أملك لك أن نزع الله من قلبك الرحمة " ([6]).

مظهر الرحمة:

الرحمة بالصبيان شأن الكرام من الرجال. ومعنى قوله: (أو أملك لك..الخ) أي: لا أقدر أن أجعل الرحمة في قلبك بعد أن نزعها الله منه.

وعن أبي هريرة (رضي الله عنه) قال:" قبَّل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الحسن بن علي وعنده الأقرع بن حابس التميمي جالس، فقال الأقرع: " إن لي عشرة من الولد، ما قبَّلت منهم أحداً"، فنظر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إليه ثم قال:"مَن لا يَرحم لا يُرحم" ([7]).

مظهر الرحمة:

تقبيل الصغير بدافع الرحمة وإدخال السرور عليه مشهد من مشاهد الرحماء، ولعل رحمة الصغار والرفق بهم سبباً من أسباب نزول الرحمة.. فرسول الله (صلى الله عليه وسلم) لا يترك موقفاً بدون تعليق حتى ما يتعلق بخصوصيات الآخرين وأخلاقهم إذا كانت لا توافق الحقَّ.

وعن جابر بن أبي سمرة (رضي الله عنه) قال:"صلَّيتُ مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) صلاة الأولى- أي الظهر- ثم خرج إلى أهله وخرجت معه فاستقبله وِلْدان، فجعل يمسح خدَّي أحدهم واحداً واحداً، قال: "وأما أنا فمسح خدَّي فوجدتُّ ليدِه برداً أو ريحاً، كأنما أخرجها (صلى الله عليه وسلم) من جونةِ عَطَّار" ([8]).

مظهر الرحمة:

مهما كانت اهتمامات العظماء فإنها لن تشغلهم عن حركاتٍ وكلماتٍ ولمساتٍ تبقي أثرها في نفوس أصحابها. وهكذا كل صاحب قلب كبير فإنه يتَّسع للآخرين، فهذه المداعبة والتلطُّف له بالغ الأثر على أهلهم من خلفهم.. وكل من يلتفت لهؤلاء الأطفال في زحمة الانشغال.

وعن سهل بن سعد (رضي الله عنه) قال: أتي النبي (صلى الله عليه وسلم) بقدح فشرب منه وعن يمينه غلام أصغر القوم، والأشياخ عن يساره فقال: " يا غلام أتأذن لي أن أعطيه الأشياخ ". قال الغلام: ما كنت لأوثر بفضلي منك أحداً يا رسول الله، فأعطاه إيَّاه" ([9]).

مظهر الرحمة:

أولاً: مبدأ الجلوس حين أقرَّ النبي (صلى الله عليه وسلم) الصغير بالجلوس جواره؛ بل وعن يمينه لفتة كريمة، ومظهر رحمة.

وأتمَّها باستئذانه إعطاء الماء الأشياخ عن شماله.. وهذا احتفاظ منه (صلى الله عليه وسلم) بحق الصغير، ورحمة بمشاعرهم جميعاً، ومداراة لنفسيَّاتهم، فكم ستصنع هذه المواقف في الأفراد والأمم من منهجٍ فريدٍ؟

وعن أنس بن مالك (رضي الله عنه) كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يدخل علينا ولي أخ صغير يكنى أبا عمير، وكان له نغر ( طائر صغير ) يلعب به فمات، فدخل عليه النبي (صلى الله عليه وسلم) ذات يوم فرآه حزينا فقال: ما شأنه ؟ قالوا: مات نغره. فقال: يا أبا عمير ما فعل النُّغَير ؟" ([10]).

مظهر الرحمة:

إن مداعبة الصِّغار لها أكثر من بُعد.. ففي نفس الصغير وأهله ووالدته، وكذلك نفس صاحب الخلق، فهو يدرِّبُ نفسَه على التواضع، والنزول إلى مستوى الصغار واهتماماتهم، كنوعٍ من المشاركة التي ترفع من همَّتهم ومعنوياتهم، وهكذا كان (صلى الله عليه وسلم).

 

--------------------------------------------------------------------------------

([1]) أبو داود ، ح (4943)، والترمذي، ح (1920)، وأحمد في المسند، ح (6733) 2/185، وصححه الألباني، صحيح الترغيب والترهيب، ح (103).

([2]) البخاري، ح (5893)، ومسلم ، ح (2168).

([3]) البخاري، ح (5994).

([4]) البخاري، ح (5650)، ومسلم، ح (543).

([5]) أبو داود، ح (2594)، وأحمد في المسند، ح (21779) 5/198، من حديث أبي الدرداء، وصححه الألباني، السلسلة الصحيحة، ح (779).

([6]) البخاري، ح (5652)، ومسلم، ح (2317).

([7]) البخاري، ح (5651).

([8]) مسلم، ح (2329)، والطبراني في المعجم الكبير، ح (1944).

([9]) البخاري، ح (2224)، ومسلم، ح (2030).

([10]) البخاري، ح (2616)، ومسلم، ح (2309)، واللفظ له.