Get Adobe Flash player

رسالة اليوم من هدي الرسول

-       دعاؤه:

إن المتأمل في أدعية النبي (صلى الله عليه وسلم) يجد نفسه أمام إنسان كملت فيه خصال العبودية، في تسبيح دائم، وتضرع وابتهال، واستسلام وافتقار، لقد وقف مرة يناجي ربه ويرفع يديه ويلح في الدعاء ويكرره حتى سقط رداؤه عن منكبيه، فأتاه أبو بكر فأخذ رداءه فألقاه على منكبيه ثم التزمه وقال: يا نبي الله، كفاك مناشدتك ربك، فإنه سينجز لك ما وعدك. رواه مسلم.

البحث

كتاب الرحمة في حياة الرسول

شاهد مكة المكرمة مباشرة

إقرأ مقالا من أكبر كتاب في العالم

إبحث عن محتويات الموقع

شاهد المدينة المنورة مباشرة

المسجد النبوي _ تصوير ثلاثي الأبعاد

Madina Mosque 3D view

الرئيسية
al_mawsuaa_maysira.jpg

لم يكن محمد (صلى الله عليه وسلم) جافيًا موغِِلاً في الصرامة، إنما كان يخالط أصحابه، ويمازحهم ويداعبهم، ويتبسم معهم.وحين نقارن الروايات الواردة في مزاحه ومداعبته لأصحابه - رضوان الله عليهم - مع الروايات الواردة في ميدان الجِدِّ نلمس مقدار الجِدِّية في حياته، وأنها الأصل، والمزاح أمر عارض.وبالرغم من أن الناس ينظرون - غالباً - إلى مواقف المزاح على أنها ليست مواقف جادة، ولا يحملون صاحبها مسؤولية جميع ما يقول، إلا أن مزاح محمد (صلى الله عليه وسلم) كان من نوع آخر.فلم يكن يقول في مزاحه شيئًا غير الحقيقة، يقول أبو هريرة t : قالوا: يا رسول الله! إنك تُداعبنا؟ قال: «إني لا أقول إلا حقًّا»([1]).ولم يكتفِ محمد (صلى الله عليه وسلم) بالتزام هذا السلوك في نفسه، فأكد على أصحابه وأتباعه أن يلتزموا بالصدق، وحذَّر من تعُّمد الكذب لمجرد إضحاك الآخرين، فقال: «ويلٌ للذي يحدث فيكذب ليضحك به القوم ويلٌ له، ويلٌ له»([2]).ومن ذلك الحق أنه كان يمازح الإنسان بوصف حقيقي موجود في المخاطب، فيقول لأنس: «يا ذا الأذنين!»([3]).ويأيه رجل يريد المشاركة في الجهاد وهو لا يملك ناقة، فيسأله أن يعطيه ناقة تحمله، فقال له: «إني حاملك على ولد الناقة»، فقال: يا رسول الله! ما أصنع بولد الناقة؟ فقال (صلى الله عليه وسلم): «وهل تلد النوق إلا الإبل»([4]).

ولم يكن مزاحه ومداعبته (صلى الله عليه وسلم) قاصراً على الرجال الكبار، فقد كان يمازح الصغار ليؤنسهم، يقول خادمه أنس بن مالك t: «إن كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ليخالطنا حتى يقول لأخٍ لي صغير يا أبا عمير ماذا فعل النُّغَيْر؟»([5]).ويحكي أنس t أيضًا أن رجلاً من أهل البادية اسمه زاهر، وكان(صلى الله عليه وسلم) يحبه، وكان رجلاً دميمًا، فأتاه النبي (صلى الله عليه وسلم) يومًا وهو يبيع متاعه فاحتضنه من خلفه وهو لا يبصره فقال: أرسلني مَنْ هذا؟ فالتفت فعرف النبي (صلى الله عليه وسلم) فجعل لا يألو ما ألصق ظهره بصدر النبي (صلى الله عليه وسلم) حين عرفه، فجعل النبي (صلى الله عليه وسلم) يقول: «من يشتري هذا العبد؟ - يقصد عبد الله - فقال: يا رسول الله! إذن والله تجدني كاسدًا. فقال النبي: «لكنك عند الله لست بكاسد»([6]).وكما كان يمازح أصحابه ويتلطف معهم، فقد يتقبل المزاح منهم، فعن عوف بن مالك t قال: أتيت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في غزوة تبوك وهو في قبة من أدمٍ فسلمت فردَّ، وقال: «ادخل»، فقلت: أَكُلِِّي يا رسول الله؟! قال: «كُلّك»، فدخلت([7]).ورغم تقُّبله (صلى الله عليه وسلم) للمزاح وممازحته لأصحابه إلا أنه لم يترك المجال دون ضوابط، فقد نهى عن المزاح المسبب للحزن، أو المسبب للغضب أو الضرر، فقال في حديثه: «لا يأخذن أحدكم متاع أخيه لاعبًا ولا جادًّا، ومن أخذ عصا أخيه فليردها»([8]).وبينما كان يسير مع أصحابه فنام رجل منهم، فانطلق بعضهم إلى حبل معه فأخذه ففزع، فقال النبي (صلى الله عليه وسلم): «لا يحل لمسلم أن يروِّع مسلمًا»([9]).

 ([1])أخرجه الترمذي (1990)، وأحمد (8506).
([2])أخرجه أبو داود (4990)، وأحمد (19519).
([3]) أخرجه أبو داود (5002)، والترمذي (3828)، وأحمد (11754).
([4]) أخرجه الترمذي (1991)، وأبو داود (4998)، وأحمد (13405).
([5]) أخرجه البخاري (6129)، ومسلم (2150).
([6]) أخرجه أحمد (12237).
([7]) أخرجه أبو داود (5000)، وابن ماجه (4042)، وأحمد (23451).
([8]) أخرجه أبو داود (5003)، والترمذي (2160)، وأحمد (17481).
([9]) أخرجه أبو داود (5004)، وأحمد (22555).