Get Adobe Flash player

رسالة اليوم من هدي الرسول

عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ:سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بَعَّدَ اللَّهُ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا.متفق عليه. أي في حال الجهاد أو الرباط وقيل في سبيل الله:في طاعته وابتغاء ثوابه فيتفاوت حصول الاجر المذكور بحسب تفاوت الإخلاص.

البحث

كتاب الرحمة في حياة الرسول

شاهد مكة المكرمة مباشرة

إقرأ مقالا من أكبر كتاب في العالم

إبحث عن محتويات الموقع

شاهد المدينة المنورة مباشرة

المسجد النبوي _ تصوير ثلاثي الأبعاد

Madina Mosque 3D view

الرئيسية
m031.jpg

الحمد لله ربِّ العالمين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وصلَّى الله وسلَّم على نبينا محمد، أما بعد:

فعطفاً على ما دعى إليه سماحة شيخنا المفتي العام للمملكة العربية السعودية ورئيس كبار العلماء في 14/ 3/ 1438هـ من القنوت ودعاء الله لإخوتنا في حلب، حيث قال: " ينبغي لأئمة المساجد القنوت لإخوانهم في حلب في صلاة الفجر؛ حتى يكشف الله القوي المتين هذه الغمة عن الأمة "، فإن الذي دعى إليه سماحة الشيخ هديٌ نبويٌّ عظيم ثابت في سيرة وسنة النبي عليه الصلاة والسلام عند النوازل، وهو سبب شرعيٌّ عظيم لاستِنْزال النصر والحفظ والتأييد من الله جلَّت قدرته.

وقد بادر أئمة الحرمين الشريفين وعموم المساجد في أنحاء المملكة لامتثال التوجيه من سماحته، حيث إن القنوت في النوازل مرتبط بالإذن والفتوى من مرجعهما.

وهذه الدعوات من مقتضى الإيمان كما قال الله جلَّ وعلا: ﴿ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ﴾ [التوبة: 71] قال الحافظ ابن كثير الدمشقي: أي: يتناصرون ويتعاضدون.

وهذا من جملة حقوق المستضعفين والمضطهدين في حلب والشام وعموم سوريا لمواجهة صلف طاغية الشام بشار الأسد وحلفائه المجرمين عليهم من الله ما يستحقون.

وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه كان يفزع إلى الله بالدعاء والضراعة عند الشدائد وتسلط الأعداء، كما صنع عليه الصلاة والسلام في مواجهة صلف قريش وعدوانها قبل الهجرة، وكما في مشاهد بدر والأحزاب وحنين وغيرها، وكما صنع من القنوت في الفريضة بعد الركوع شهراً يدعو على أحياء من العرب قتلوا المسلمين، ويدعو بنجاة المستضعفين، وهذا ثابت في الصحيحين وغيرهما.

وقد أثنى الله في مواضع من القرآن الكريم على عباده الأخيار بأنهم يفزعون إلى دعاء الله حال الشدائد والمصائب كما يدل عليه قوله تعالى: ﴿ وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ﴾ [آل عمران: 147].

وهذه الدعوات لا تضيع عند ربِّ العِزَّة جلَّ وعلا، وإن أمهل الله الظلمة والمجرمين، فقد ثبت في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: إنَّ الله ليُملي للظالم؛ حتى إذا أخذه لم يُفْلِتْه، ثم قرأ: ﴿ وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ ﴾ [هود: 102].

ولذلك فينبغي للمسلمين أن يتضرعوا إلى ربهم في صلواتهم في القنوت وفي السجود وفي غيره فيدعون الله أن يكشف عنهم الكرب ويدفع عنهم الضر، وألا يستبطئوا الفرج من الله، فإن الله قد حثَّ على التضرع إليه في الرخاء وعند الشدائد وعاتب من ترك ذلك، قال الله تعالى: ﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ * فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا ﴾ [الأنعام: 42، 43] أي: فهلا إذ ابتليناهم بذلك تضرعوا إلينا وتذلَّلُوا لنا وتمسكنوا إلينا؟.

وكما قال سبحانه: ﴿ أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ ﴾ [النمل: 62] ففي الآية تنبيه على أن الله هو المدعُوُّ عند الشدائد، المرجُوُّ عند النوازل، وهو الذي ينبغي ألا يلجأ المضطر إلا إليه، والذي لا يكشف ضُرَّ المضرورين سواه. قاله ابن كثير.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله مبيناً ما ينبغي من تناصر المسلمين وتعاضدهم بالدعاء وغيره: والمسلمون في مشارق الأرض ومغاربها قلوبهم واحدة، موالية لله ولرسوله ولعباده المؤمنين، معادية لأعداء الله ورسوله وأعداء عباده المؤمنين، وقلوبهم الصادقة وأدعيتهم الصالحة هي العسكر الذي لا يُغلب والجند الذي لا يُخذل.

وحول الدعاء الذي يكون في قنوت النوازل قال ابن تيمية أيضاً: فسُنَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين تدل على شيئين:

أحدهما: أن دعاء القنوت مشروعٌ عند السبب الذي يقتضيه، ليس بسُنة دائمة في الصلاة.

الثاني: أن الدعاء فيه ليس دعاءً راتباً، بل يدعو في كل قنوت بالذي يناسبه كما دعا النبي صلى الله عليه وسلم أولاً وثانياً.... قنت أولاً على قبائل بني سليم الذين قتلوا القُرَّاء، دعا عليهم بالذي يناسب مقصوده، ثم لما قنت يدعو للمستضعفين من أصحابه دعا بدعاء يناسب مقصوده... وقد تبين بما ذكرناه أن القنوت يكون عند النوازل، وأن الدعاء في القنوت ليس شيئاً معيناً، ولا يدعو بما خطر له، بل يدعو من الدعاء المشروع بما يناسب سبب القنوت... وإذا سمى من يدعو لهم من المؤمنين ومن يدعو عليهم من الكافرين المحاربين كان ذلك حسناً. انتهى ملخصاً بمجموعه.

ومن المأثور في دعاء الرسول عليه الصلاة والسلام في قنوته في النوازل أنه يوجز ولا يطيل، كما يدل عليه ما ثبت في الصحيحين أن أنس بن مالك رضي الله سُئل: أَقَنَتَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم في الصبح؟ قال: نعم، فقيل له: أَوَقَنَتَ قبل الركوع؟ قال: بعد الركوع يسيراً.

قال ابن رجب هذا الحديث بهذا اللفظ يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم قنت في الصبح، وأنه قنت بعد الركوع، وأنه قنت يسيراً.

ومن المأثور في سُنته صلى الله عليه وسلم أنه كان يشرع بالدعاء مباشرة بعد قوله: سمع الله لمن حمده ربنا لك الحمد، من الركعة الأخيرة، كما يدل عليه ما رواه البخاري وغيره عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم لما رفع رأسه من الركعة الثانية من الصبح قال: " اللهم أنج الوليد بن الوليد وسلمة بن هشام وعياش بن أبي ربيعة والمستضعفين بمكة، اللهم اشدد وطأتك على مُضَر، اللهم اجعلها عليهم سنين كَسِنِيِّ يوسف ".

ومن المناسب في هذا المقام التذكير ببيان صدر عن اللجنة الدائمة للفتوى ضمن الفتوى رقم (20926) برئاسة سماحة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ هذا نصُّها:

بيان عن قنوت النوازل

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبيَّ بعده، نبينا محمد وعلى آله وصحبه، وبعد:

فنظرًا لكثرة الأسئلة عن صفة قنوت النوازل وأحكامه ولعموم الحاجة إلى معرفة السُّنة والعمل بها في قنوت النوازل، وما يحدث من مخالفات يقع فيها بعض الناس فإن اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء تبين لعموم المسلمين ما يلي:

أولاً: القنوت في النوازل العارضة التي تحل بالمسلمين من الأمور المشروعة في الصلاة، وهو من السنن الثابتة المستفيضة عن النبي صلى الله عليه وسلم، في الصحيحين وغيرهما من كتب السُّنة.

فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: بعث النبيُّ صلى الله عليه وسلم سبعين رجلاً لحاجة، يقال لهم: القراء، فعرض لهم حَيانِ من سليم: رعل وذكوان، عند بئر يقال لها: بئر معونة، فقال القوم: والله ما إياكم أردنا وإنما نحن مجتازون في حاجة للنبيِّ صلى الله عليه وسلم فقتلوهم، فدعا النبيُّ صلى الله عليه وسلم شهرًا في صلاة الغداة.

وعن أبي هريرة وأنس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قنت بعد الركعة الأخيرة في صلاة العشاء شهرًا: اللهم أنج الوليد بن الوليد، اللهم أنج سلمة بن هشام، اللهم أنج عياش بن أبي ربيعة، اللهم أنج المستضعفين من المؤمنين، اللهم اشدد وطأتك على مضر، اللهم اجعلها عليهم سنين كَسِنِيِّ يوسف"، إلى غير ذلك من الأحاديث الكثيرة المشهورة.

ثانيًا: المقصود بالنوازل التي يشرع فيها الدعاء في الصلوات: هو ما كان متعلقًا بعموم المسلمين، كاعتداء الكفار على المسلمين، والدعاء للأسرى وحال المجاعات، وانتشار الأوبئة وغيرها.

ثالثًا: قنوت النوازل يكون بعد الركوع من آخر ركعة في الصلاة، وفي جميع الصلوات المفروضات جهريةً كانت أو سرية، وآكد ذلك في صلاة الفجر، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم شهرًا متتابعًا في الظهر والعصر والمغرب والعشاء وصلاة الصبح، في دُبر كل صلاة، إذا قال: سمع الله لمن حمده، من الركعة الآخرة، يدعو على أحياء من بني سليم، على رعل وذكوان وعصية، ويُؤمِّن مَن خلفه " خرجه الإمام أحمد وأبو داود.

رابعًا: ليس هناك دعاء معين يُدعى به في النوازل، بل يدعو المسلمون في كل وقت ما يناسب حالهم في النازلة، ومن دعا في النوازل بدعاء قنوت الوتر الوارد "اللهم اهدنا فيمن هديت... " إلخ فقد خالف السُّنة ولم يأت بالمقصود؛ لأن النبيَّ صلى الله عليه وسلم لم يقنت في النازلة بذلك، وإنما كان يُعَلِّمُه الناس في دعاء الوتر.

خامساً: قنوت النوازل مشروع من حين وقوع النازلة ويستمر إلى حين انكشافها.

سادسًا: على أئمة المساجد - وفقهم الله - الاجتهاد في معرفة السُّنة والحرص على العمل بها في جميع الأمور، فالناس بهم يقتدون وعنهم يأخذون، فالحذر الحذر من مخالفة السنة غلوًا أو تقصيرًا، ومن ذلك الدعاء في قنوت الوتر والنوازل؛ فالمشروع الدعاء بجوامع الكلمات والأدعية الواردة في حالٍ من السكون والخشوع، وترك الإطالة والإطناب والمشقة على المأمومين، وعلى الإمام أن لا يقنت إلا في النوازل العامة.

والحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. انتهى.

والله المستعان وهو حسبنا ونعم الوكيل، وعليه التوكل وحده، وهو المسؤول جلَّ وعلا أن يصلح أحوال المسلمين في كل مكان، وأن يرفع الغمة والكرب عن المسلمين، وأن يحقن دمائهم ويكفيهم الشرور والفتن في كل مكان، وأن يجزي حكومة المملكة العربية السعودية خير الجزاء على مساعيها الجليلة في خدمة المسلمين وجمع شملهم وتوحيد صفهم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

الرياض 17 ربيع الأول 1438هـ

نشر في صحيفة سبق الإلكترونية

https://sabq.org/xPnJsR

http://www.alukah.net/web/khalidshaya/0/110557/#ixzz4TV4NM0JP