14- من حقوق الطريق للطريقِ في الإسلامِ آدابٌ تمنعُ من إيذاءِ الناسِ والتحرشِ بهم كما يحدثُ في كثيرٍ من البلادِ. فعن النبيِّ (صلى الله عليه وسلم) قالَ: «إياكم والجلوسَ على الطرقاتِ» قالوا: ما لنا بدٌّ، هي مجالسُنا نتحدثُ فيها، قالَ: «فإنْ أبيتم إلا المجالسَ، فأعطوا الطريقَ حقَّها»، قالوا: وما حقُّها يا رسولَ اللهِ؟ قال: «غضُّ البصرِ، وكفُّ الأذى، وردُّ السلامِ، والأمرُ بالمعروفِ، والنهيُّ عن المنكرِ»([i]). ومن ذلك تحريمُ قضاءِ الحاجةِ في طرقِ الناسِ وأماكنِ الظلِّ، فقد قالَ (صلى الله عليه وسلم): «اتقوا اللعانين: الذي يتخلى في طريقِ الناسِ، أو في ظلِّهم»([ii]). ومن ذلك إماطةُ الأذى عن الطريقِ، فقد قالَ (صلى الله عليه وسلم): «مرَّ رجلٌ بغصنِ شجرةٍ على ظهرِ طريقٍ، فقالَ: واللهِ لأُنَحِّيَنَّ هذا عن المسلمينَ لا يؤذيهم، فأُدخِلَ الجنةَ»([iii]). وقال (صلى الله عليه وسلم): «لقد رأيتُ رجلًا يتقلبُ في الجنةِ في شجرةٍ قَطَعها من ظهرِ الطريقِ كانت تؤذي الناسَ»([iv]).
* * *
15- من حقوق الحيوان
رفعَ النبيُّ (صلى الله عليه وسلم) لواءَ الرفقِ بالحيوانِ وأمرَ بالإحسانِ إليه وإطعامِهِ وسقايتِهِ وعدمِ تكليفِهِ ما لا يُطيقُ من العملِ، فقد قالَ النبيُّ (صلى الله عليه وسلم): «بينما رجلٌ يمشي بطريقٍ اشتدَّ عليه العطشُ، فوجد بئرًا، فنزلَ فيها، فشربَ، ثم خرجَ فإذا كلبٌ يلهثُ، يأكلُ الثرى من العطشِ، فقالَ الرجلُ: لقد بلغَ هذا الكلبَ من العطشِ مثلُ الذي كان بلغَ منيِ، فنزلَ البئرَ، فملأ خُفَّه ماءً، ثم أمسكَهُ بفيهِ حتى رَقي، فسقىَ الكلبَ، فشكر اللهُ له، فغفر له». قالوا: يا رسولَ اللهِ وإنَّ لنا في هذه البهائمِ لأجرًا؟ فقال: «في كلِّ كبدٍ رطبةٍ أجرٌ»([v]).
وكما أنَّ هذا الرجلَ غَفَرَ اللهُ له في كلبٍ سقاه، فقد ذَكَرَ النبيُّ (صلى الله عليه وسلم) جزاءَ من يعذبُ الحيوانَ فقالَ (صلى الله عليه وسلم): «عُذّبتِ امرأة في هِرَّة سجنَتْها حتى ماتت، فدخلتْ فيها النارَ، لا هي أطعمتْها وسقتْها إذ حبستْها، ولا هي تركتْها تأكلُ من خشاشِ الأرضِ»([vi]).
وعند ذبحِ الحيوانِ الذي يحلُّ أكلُهُ أمرَ النبيُّ (صلى الله عليه وسلم) بالإحسانِ إليه عند الذبحِ، فقالَ (صلى الله عليه وسلم): «إنَّ اللهَ كتبَ الإحسانَ على كلِّ شيءٍ، فإذا قتلتم فأحسنوا القِتلةَ، وإذا ذبحتم، فأحسنوا الذبحةَ، وليُحِدّ أحدُكم شَفرتَهُ، وليُرحْ ذبيحتَهُ»([vii]).
وعن ابنِ عباسٍ ب أنَّ رجلًا أضجعَ شاةً وهو يحدُّ شفرتَهُ ـ أمَامَها ـ فقالَ النبيُّ (صلى الله عليه وسلم): «أتريدُ أن تُمِيتَها موتاتٍ؟ هلَّا أحددتَ شفرتَكَ قبلَ أن تضجعَها»([viii]).
وقالَ (صلى الله عليه وسلم): «لعنَ اللهُ من مثَّل بالحيوانِ»([ix]).
وقالَ (صلى الله عليه وسلم): «منْ رَحِمَ ولو ذبيحة عصفورٍ، رَحمهُ اللهُ يومَ القيامةِ»([x]).
* * *
------------------------------
1- رواه البخاري (2285)، ومسلم (3960).
2- رواه مسلم (397)، وأبو داود (23).
3- رواه مسلم (4744).
4- رواه مسلم (4745).
5- رواه البخاري (2190)، ومسلم (4162).
6- رواه البخاري (2192)، ومسلم (4160).
7- رواه مسلم (3615)، والترمذي (1329).
8- رواه الحاكم (7563).
9- رواه النسائي (4366)، والبخاري معلقًا (5091).
10- رواه البخاري في الأدب المفرد (381).