Get Adobe Flash player

رسالة اليوم من هدي الرسول

(وصايته بالوالدين) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (رغم أنفه! ثم رغم أنفه! ثم رغم أنفه!) قيل: من يا رسول الله؟ قال: (من أدرك والديه عند الكبر أحدهما أو كليهما ثم لم يدخل الجنة) رواه مسلم . إن إدراك الوالدين في كبرهما وحاجتهما فرصة ثمينة لرد أقل الجميل وطلب الجنة في برهما وإدخال السرور على قلوبهما، فرصة لا يفرط فيها إلا مغبون!!

البحث

كتاب الرحمة في حياة الرسول

شاهد مكة المكرمة مباشرة

إقرأ مقالا من أكبر كتاب في العالم

إبحث عن محتويات الموقع

ننصحك بقراءة هذا الإصدار

شاهد المدينة المنورة مباشرة

المسجد النبوي _ تصوير ثلاثي الأبعاد

Madina Mosque 3D view

الرئيسية
m014.jpg

لم تبتلى الأمة الإسلامية قط، في ماضيها ولا حاضرها ولا في مستقبلها، بأخطر من النفاق والمنافقين، فهم أعظم ضرراً وأكثر خطراً وأدوم مصيبة على الإسلام والمسلمين، لأنهم من بني جلدتنا، ويتكلمون بألسنتنا، ويرفعون شعاراتنا، ويتظاهرون بإسلامنا، ومع ذلك لا يفتُرون ولا ييأسون من الكيد لنا، لهذا فقد حذر الله ورسوله من خطرهم، ونبه على ضررهم، بل جعلهم في الدرك الأسفل من النار، فقال الله تعالى: )إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا( [النساء: 145]. ومع ذلك كله فقد أظهر النبي (صلى الله عليه وسلم) من الرحمة والشفقة عليهم في مواقف كثيرة، رجاء أن يشرح الله صدورهم للإسلام، يتمثل ذلك في كتمانه لأسمائهم وقد أعلمه الله بهم، وفي كل حادثة يغيظون فيها رسول الله وأصحابه حتى إن بعض أصحابه كان يستأذنه في قتلهم، فينهى عن ذلك تغليباً للمصالح العظيمة ورجاء أن يتوبوا إلى الله ويرجعوا عن كيدهم وضلالهم. وتتجلى مظاهر الرحمة في المواقف التالية:

عن جابر بن عبد الله (رضي الله عنه) قال : " غزونا مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وقد ثاب معه ناس من المهاجرين حتى كثروا، وكان من المهاجرين رجل لعاب فكسع أنصاريا([1]) فغضب الأنصاري غضبًا شديدًا حتى تداعوا وقال الأنصاري: يا للأنصار، وقال المهاجري: يا للمهاجرين فخرج النبي (صلى الله عليه وسلم) فقال: ما بال دعوى أهل الجاهلية ؟ ثم قال ما شأنهم. فأخبر بكسعة المهاجري الأنصاري قال فقال النبي :(صلى الله عليه وسلم) دعوها فإنها خبيثة. وقال عبد الله بن أبي سلول: أقد تداعوا علينا لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل. فقال عمر: ألا نقتل يا رسول الله هذا الخبيث ؟ لعبد الله فقال النبي (صلى الله عليه وسلم): لا يتحدّث الناسُ أنه كان يقتل أصحابَه" ([2]).

عن جابر بن عبد الله (رضي الله عنه) قال : لما قسم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) غنائم هوازن بين الناس بالجعرانة قام رجل من بني تميم فقال: اعدل يا محمد. فقال: ويلك ومن يعدل إذا لم أعدل، لقد خبتُ وخسرتُ إن لم أعدل. قال: فقال عمر: يا رسول الله ألا أقوم فأقتل هذا المنافق؟ قال: معاذ الله أن تتسامع الأمم أن محمدًا يقتل أصحابَه " ([3]).

وعن عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) أنه قال: لما مات عبد الله بن أبي ابن سلول دعي له رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ليصلِّي عليه، فلما قام رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وثبت إليه فقلت: يا رسول الله أتصلي على ابن أبي وقال يوم كذا وكذا كذا وكذا ؟ أَعدُدُ عليه قولَه. فتبسَّم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وقال: أخِّر عني يا عمر. فلما أكثرتُ عليه قال: إني خُيرِّت فاخترت لو أعلم أني إن زدت على السبعين يغفر له لزدت عليها. قال: فصلَّى عليه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ثم انصرف، فلم يمكث إلا يسيراً حتى نزلت الآيتان من براءة: ) وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَدًا وَلاَ تَقُمْ عَلَىَ قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُواْ وَهُمْ فَاسِقُونَ ( [التوبة :84]. قال فعجِبْتُ بَعدُ من جُرأتي على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يومئذٍ" ([4]).

وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: أتى النبيُّ (صلى الله عليه وسلم) عبدَ الله بنَ أبي بعد ما أُدخل قبرَه فأمر به فأُخرج، ووُضِعَ على ركبتيه، ونفث عليه من ريقه، وألبسه قميصَه" ([5]).

مظهر الرحمة:

إنها الرحمة بالمتوَّفى، والرحمة بالمخالف، والرحمة بعظيمٍ في قومه، والإنصاف في حقِّ النفس من غير مخالفة شرعية، فقد كان ذلك عملاً بالخيار الذي تُرك له (صلى الله عليه وسلم)، فاختار ما يليق بمقامه (صلى الله عليه وسلم) : معلِّماً ومربِّياً وداعيةً .

 

 

* * *

فكان (صلى الله عليه وسلم) يحفظ لكلٍ سابقتَه وماضيه الحسن، ويتجاوز عن سوابق الأذى.. فهنيئاً لأمة هذا نبيُّها.. وهذا مع المخالفين فكيف

--------------------------------------------------------------------------------

([1]) ضرَب دُبُرَه بيده. لسان العرب، ابن منظور 8/309.

([2])البخاري، ح (3330) ، ومسلم ، ح (2584).

([3])مسلم ، ح (1063)، وأحمد في المسند ح (14862) 3/354 واللفظ له.

([4]) البخاري، ح (1300).

([5]) البخاري، ح (5459)، ومسلم ، ح (2773). وجاء في البخاري: " وكان كسا عباسا (عم النبي (صلى الله عليه وسلم)) قميصا .. فيرون أن النبي (صلى الله عليه وسلم) ألبس عبد الله قميصه مكافأة لما صنع ". صحيح البخاري 1/ 453.