Get Adobe Flash player

رسالة اليوم من هدي الرسول

عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو في الصلاة ويقول: (اللهم إني أعوذ بك من المأثم والمغرم: فقال له قائل ما أكثر ما تستعيذ يا رسول الله من المغرم قال: إن الرجل إذا غرم حدث فكذب ووعد فأخلف) متفق عليه والمغرم هو الدين. 

البحث

كتاب الرحمة في حياة الرسول

شاهد مكة المكرمة مباشرة

إقرأ مقالا من أكبر كتاب في العالم

إبحث عن محتويات الموقع

ننصحك بقراءة هذا الإصدار

شاهد المدينة المنورة مباشرة

المسجد النبوي _ تصوير ثلاثي الأبعاد

Madina Mosque 3D view

الرئيسية
m009.jpg

عن أنس بن مالك (رضي الله عنه) قال: " لما قَدِمَ رسولُ الله (صلى الله عليه وسلم) المدينة أخذ أبو طلحة بيدي فانطلق بي إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال: يا رسول الله إن أنسا غلام كيس فليخدمك قال: فخدمته (تسع سنين) في السفر والحضر، والله ما قال لي لشيء صنعتُه لمَ صنعت هذا هكذا ؟ ولا لشيء لم أصنعْه لمَ لمْ تصنع هذا هكذا ؟" ([1]).

مظهر الرحمة:

إن من أشدِّ الناس اطلاعاً على نقائص الإنسان وعيوبه أهلُه وخدمُه، ومع ذلك فلم يرَ أنس شيئاً من هذا في النبي (صلى الله عليه وسلم)، حيث عاشره في المنشط والمكره، وفي السفر والحضر، وحال الرِّضا والغضب، ومع ما يعتري أنساً من النسيان والانشغال والخطأ لم يجد من النبي (صلى الله عليه وسلم) تعنيفاً وعنتاً وتبرُّماً، وهذا درس عملي؛ لأن الخدم ملازمون لنا، فيجب الصبر والرحمة والحلم؛ لأن لقاءهم ليس عابراً يتحاملون على أنفسهم فيه.

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: " ما ضرب رسولُ الله (صلى الله عليه وسلم) شيئًا قطُّ بيده، ولا امرأةً، ولا خادمًا إلا أن يجاهد في سبيل الله، وما نيل منه شيءٌ قط فينتقم من صاحبه إلا أن ينتهك شيء من محارم الله فينتقم لله عز وجل" ([2]).

مظهر الرحمة:

إذا كان النبي (صلى الله عليه وسلم) عفيف اللسان فلا يقول إلا حقاً، وهو منزَّهٌ عن اللعن والطعن، فهكذا الضرب كان من أبعد الناس عن ذلك، وخاصة أمام من يتطاول عليهم اللئامُ من الرجال كالخدم والنساء، فقد كان النبيُّ (صلى الله عليه وسلم) ينزِّه نفسه عن إهانة هؤلاء، ويرفع ذاته عن ظلمهم؛ بل ولا ينتقم لنفسه، وإنما كان يغضب لذات الله تعالى.

وعن أبي مسعود الأنصاري (رضي الله عنه) قال: " كنت أضرب غلاماً لي فسمعت من خلفي صوتاً: اعلم أبا مسعود لله أَقدَرُ عليك منك عليه، فالتفتُّ فإذا هو رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقلت: يا رسول الله هو حرُّ لوجه الله. فقال: أما لو لم تفعل للفحتك النار أو لمسَّتك النار" ([3]).

مظهر الرحمة:

الوقفة الدائمة مع المظلومين أو الضعفاء في كل شيء حتى ولو لم ينتصروا به، فلمجرد رؤيته (صلى الله عليه وسلم) يُتخذ الموقف الصحيح، والتوجيه السليم، حيث وجَّه أبا مسعود إلى الخلق السليم بذكرى يتحرك لها قلب المسلم.

وفي النهاية: البشارةُ بجائزة الإعتاق. إنها منازل يخطو إليها الإنسان عندما تنبعث فيه كوامن الرحمة بالإنسان.

وعن المعرور قال: لقيت أبا ذر بالربذة وعليه حلة وعلى غلامه حلة، فسألته عن ذلك. فقال: إني ساببت رجلا فعيَّرته بأمه فقال لي النبي (صلى الله عليه وسلم) : " يا أبا ذر أعيَّرته بأمه إنك امرؤ فيك جاهلية، إخوانُكم خولُكم، جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يده فليُطْعِمْه مما يأكل، وليُلبِسْه مما يلبس، ولا تكلِّفوهم ما يغلبهم، فإن كلفتموهم فأعينوهم" ([4]).

مظهر الرحمة:

كانت توجيهات النبي (صلى الله عليه وسلم) منهجَ حياة يترسَّمه الصحابةُ (رضي الله عنه) ومن بعدهم، فإذا كانت الجاهلية تحتقر الخدمَ والعبيدَ، فإن الإسلام يحترمهم، وبعد هذه الكلمات المضيئة الرحيمة بالمستضعفين أخذ هؤلاء حقوقَهم في المطعم والملبس، والتخفُّف عند التكليف.. وحتى يكره الإنسانُ الظلمَ ربطه النبي (صلى الله عليه وسلم) بما يكرهه الإنسان وهو الجهل.. وما يلحقه من عثرات.

وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: جاء رجل إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) فقال: يا رسول الله كم نعفو عن الخادم؟ فصمت. ثم أعاد عليه الكلام فصمت. فلما كان في الثالثة قال: "اعفوا عنه في كل يوم سبعين مرة"([5]).

مظهر الرحمة:

الخدم لكثرة ما يتولَّون في أمور الناس عرضة للخطأ في كل لحظة.. والأسياد قد يحاسبون على هذه الأخطاء، وقد يتعرضَّون إلى الجور والتعدِّي في المعاقبة، فكان توجيه النبي (صلى الله عليه وسلم) بأن جعل العفو بهذا العدد؛ ليغطي كل الاحتمالات الواردة، ولئلا يجتمع على الخادم العمل واللوم معاً. ولعل هذا يذكرنا بأنه (صلى الله عليه وسلم) كان يستغفر في اليوم أكثر من سبعين مرة.. ككفارات لما قد يحدث من خطأ أو نسيان في حق الآخرين.

وعن المقدام بن يكرب (رضي الله عنه) عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: " ما كسب الرجل كسباً أطيب من عمل يده، وما أنفق الرجل على نفسه وأهله وولده وخادمه فهو صدقة" ([6]).

مظهر الرحمة:

ليس غريباً أن ينفق الإنسان على نفسه وأهله، ولكنه متى تصل الرحمة إلى ما هو أبعد من ذلك إلى الخدم حين قورنت بالأهل والولد. ويترتب على ذلك ثواب الصدقة وأجرها.. فكم لذلك من أثرٍ وحافزٍ حين يرى هؤلاء أنفسَهم مساوين لأهل الدَّار في النفقة.

وعن أنس بن مالك (رضي الله عنه) قال: "كانت الأمة من إماء أهل المدينة لتأخذ بيد رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، فتنطلق به حيث شاءت" ([7]).

مظهر الرحمة:

شأُن النبي (صلى الله عليه وسلم) مع المرأة ومع الخدم عظيمٌ، ففي وقتٍ تمتهن الجاهلية والنفوس الغليظة هذه الشريحة من البشر، فإن النبي (صلى الله عليه وسلم) يضرب أمثلة رائعة مؤثرة في الصبر على هؤلاء، وما قد يحدث منهم من تفاصيل المشكلة وإرهاف الحس، ومن جرَّب المشاكل الاجتماعية عرف قَدر هذا الخلْق مع الناس..

حتى ينقاد لها حيث شاءت، وفي هذا من الرحمة بها والوقوف معها ما يقوِّي جانبها عند من ظلمها أو هضم حقَّها.

 

--------------------------------------------------------------------------------

([1]) البخاري، ح (5778)، ومسلم، ح (2150)، وأبو داود، ح (4969) وهذا اللفظ له.

([2]) مسلم، ح (2328)، وأبو داود، ح (4786).

([3]) مسلم، ح (1659). وأبو داود، ح (5159).

([4]) البخاري، ح (30)، ومسلم، ح (1661).

([5]) أبو داود، ح (5164)، والبيهقي في السنن الكبرى، ح (15577) 8/10، وصححه الألباني، السلسلة الصحيحة، ح (488).

([6]) ابن ماجه، ح (2138)، وحسنه الألباني، صحيح الترغيب والترهيب، ح (1685).

([7]) البخاري، ح (5724).